"تعاهدوا القرآن، فوالدي نفسي بيده لهو أشد تفصياً (أي تفلتاً) من الإبل في عقلها"
وفي رواية أحمد "لهو أشد تفلتاً من قلوب الرجال من الإبل من عقله"
ومع ذلك فكل مهمة صعبة تصبح يسيرة على من يسرها الله عز وجل عليه ..
قال الله عز وجل: "ومن يتوكل على الله فهو حسبه" ..
وروى الترمذي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ".
قَال َ الترمذي هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وكما قالوا قديماً: "طريق الألف ميل يبدأ بخطوة" ..
وقد اجتهدت في جمع بعض القواعد التي تعين ـ بإذن الله تعالى ـ على حفظ هذا الكتاب الجليل .. جمعتها من قراءات كثيرة، واجتهادات شخصية، وجمع للخبرة المختلفة من كثير من الحفاظ .. وهي في النهاية قواعد اجتهادية تقبل للزيادة دائماً .. وكل يدلي بدلوه .. وأرجو من القراء الكرام أن لا يبخلوا علىّ بنصيحة إذا وجدوا طريقة جديدة، أو قاعدة مجربة ومفيدة تساعد على الحفظ ولم تذكر في هذا الكتاب، حتى أضيفها في الطبعات القادمة .. وسيكون لهم إن شاء الله من الأجر مثل أجر كل من عمل بهذه القاعدة ..
وكما ذكرت في المقدمة فإنني قسمت هذه القواعد إلى مجموعتين رئيسيتين: ـ
المجموعة الأولى وهي مجموعة القواعد الأساسية، والتي اعتقد أنه لا غنى عنها أبداً لحافظ القرآن .. وللأسف فإن كثيراً من الشباب الذين تحدثت معهم في طرق الحفظ والتذكر يعتمدون اعتماداً كلياً على الطرق المساعدة دون الأساسية، وهذا قصور كبير في الفهم، ونقص عظيم في الإدراك .. فمجموعة القواعد الأساسية ـ في رأيي ـ هي مجموعة لا خيار لك فيها .. لابد أن تعمل بها .. حتماً لا اختياراً ..
أما المجموعة الثانية من القواعد وهي مجموعة القواعد المساعدة فهي قابلة للتغيير والإضافة والحذف إلى حد ما، وإن كانت هي الأخرى في غاية الأهمية، ولكن قد تختلف وجهات النظر فيها من واحد إلى آخر، ومن زمن إلى زمن .. وعلى كلٍ فالاعتماد على القواعد جميعها ـ أساسية ومساعدة ـ سيؤدي إلى نتيجة أفضل، ولا شك في ذلك ..
وأود في هذا المقام أيضاً أن أشير إلى أن بعض الشباب كان يعتقد أنني سأقدم له في هذه المحاضرة "وصفة سحرية"!! أو طريقة معينة يستطيع بها في أيام معدودات أو شهور قلائل أن يتم حفظ القرآن الكريم على خير وجه!! .. ولا يخفي على عاقل أن هذا وهم لا دقة فيه! ..
إخواني في الله:
حفظ القرآن مهمة عظيمة .. وتحتاج لعظيم!! ..
حفظ القرآن غاية نبيلة لابد أن تبذل في سبيل تحقيقها الأوقات والأيام!! ..
وأسأل الله عز وجل أن ينفعني وينفعكم بكل قاعدة من هذه القواعد ..
إنه على كل شئ قدير وبالإجابة جدير ..
القواعد الأساسية لحفظ القرآن الكريم
القاعدة الأولى
الإخلاص
وهي أهم قاعدة في هذا الموضوع .. وذلك أن الإنسان إذا عمل عملاً لا يبتغي به وجه الله عز وجل، فإن هذا العمل يكون محبطاً .. قال الله عز وجل:
"ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك، لئن أشركت ليحبطن عملك، ولتكونن من الخاسرين" ..
فإياك .. إياك أن تبتغي بالقرآن جاهاً، أو وجاهة، أو ارتفاعاً فوق الناس، أو إمامة للصلاة، أو أن يشار إليك ويقال: هذا قارئ، أو تحصيل مال، أو أي عرض من أعراض الدنيا ..
روى أبو داود بسند صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَتَعَلَّمُهُ إِلَّا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنْ الدُّنْيَا لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَعْنِي رِيحَهَا".
وروى الإمام مسلم والنسائي وأحمد رحمهم الله جميعاً حديثاً عن أبي هريرة رضي الله عنه يوضح فيه خطورة أن يفعل الإنسان الخير ابتغاء مرضاة الناس، وليس ابتغاء رضا الله عز وجل، فقد قال أبو هريرة رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
¥