ـ[نصر الدين المصري]ــــــــ[26 - 08 - 06, 09:25 ص]ـ
مرحبا بشيخنا الفاضل أبي مالك العوضي
على الرحب و السعة كل أسئلتك ...
الأول: ما تقول في مسألة العول في الفرائض؟
كان الأولى أن يكون السؤال ماذا تقول إن لم تكف التركة أصحاب الفرائض؟
سأكون بين خيارين إما أن أقول بالعول كما حكم عمر و تبعه الجمهور أو أبحث عمن قدمه الله كما حكم ابن عباس و تبعه الظاهرية.
و لكني لن أقول هذا و لا ذلك. لأنه لا دليل ظاهر على أحدهما. بل أقول لا أدري
و لتفصيل ذلك أقول:
هذه المسألة سكت عنها النص، فالأصل كما أوضحت بالدليل في الموضوع أنه لا يجوز البحث عن حكمها، فذلك من إتباع الظن المنهي عنه، و لكن الله تعالى قال (وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه)، فعند الاضطرار يُباح الحرام، و عندما يواجه الحاكم مثل هذه المسألة بين مجموعة من الورثة فلابد له من الحكم حتى لا يتحول الأمر إلى نزاع بينهم و هنا يكون مضطرا إلى الحكم بالظن، فلا جناح عليه لاضطراره إلى ذلك، و يمكنه أن يحكم بما حكم به عمر أو ابن عباس، فكلاهما من الظن، و كلاهما جائز الاتباع عند الاضطرار لا قبل ذلك. أي لا يجوز أن يقول هذه المسالة حكمها كذا قبل أن يواجهها بالفعل. و هذا ما فعله الصحابة. و يلحق بذلك مسألة ميراث الجد مع الأخوة في الكلالة، و مسألة ميراث الخنثى. فقد سكت عنهما النص.
الثاني: ما تقول فيمن باع سيارة بسيارتين، أو كتابا بكتابين؛ هل يدخل في الربا؟
الجواب نعم، و قد سقت الدليل فقلت:
فمثلا ما ورد في الأصناف التي يجري فيها الربا، فقد نص الحديث على ستة أصناف و فيه (الذهب بالذهب و الفضة بالفضة و البر بالبر و الملح بالملح و الشعير بالشعير والتمر بالتمر، سواء بسواء،يدا بيد فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد)، فحاول القياسيون معرفة العلة في كل صنف لإلحاق المسكوت عنه بأحد هذه الأصناف (!!)، والمعلوم أن تحريم الربا في الأصل عرفناه من قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُم ْتُفْلِحُونَ)، فدل النص أن كل ما يؤكل يجري فيه الربا، و المراد بما يؤكل هو أخذ المال على إطلاقه كما في قوله تعالى (و لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) و غير ذلك من النصوص الدالة على هذا المعنى الاصطلاحي للأكل، و المال في لغة العرب لفظ عام يشمل كل ما يمكن أن يملكه الإنسان، فإن عدنا إلى الحديث لم نجد فيه دلالة على الحصر أو تقييد الربا بالأصناف الستة، فتبقى الآية على إطلاقها و يجري الربا في كل أنواع المال.
الثالث: هل يجوز لي أن أسألك في بعض المسائل: من سبقك إلى هذا القول؟
نعم يجوز .. و سأقول سبقني الله تعالى ورسوله، فأنا لا أتكلم إلا بما قاله الله أو قاله رسوله أو ثبت إجماع الصحابة عليه، فكل قول أقوله لابد أن يكون قد سبقني إليه الله و رسوله أو الصحابة أو دلوني عليه بالدليل الظاهر البين (القطعي) و لا أعني القطعي بمفهومك، فقد أثار إشكالا فيما سبق.
و مع ذلك فلا أعصم نفسي من الخطأ في الفهم أحيانا، و لكن يجب بيان خطئي بالدليل الظاهر من النص أو إجماع الصحابة حتى أقول أنني أخطأت.
و جزاكم الله خيرا
تنويه: لم يبق من الموضوع إلا الفصل الثالث و فيه تفنيد الأدلة التي احتج بها القياسيون. و لم أتم كتابته بعد
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[26 - 08 - 06, 09:59 ص]ـ
المشكلة عندك أخي الكريم أنك لا تفرق بين (قال الله وقال رسوله) وبين (فهمي لما قال الله وقال رسوله).
فأنا عندما أسألك عمن سبقك لهذا القول لا أعني أن تذكر لي النص من الكتاب والسنة، وإنما أعني (من سبقك في هذا الفهم لهذا النص)، وهذا واضح عند أهل العلم ولذلك لا ينصون عليه في كلامهم، ولكن لما وقع الاستشكال عندك اضطُرِرتُ للنص عليه.
فالإشكال ليس عند ورود النص، ولكن الإشكال عندما تفهم أنت النص على وجه، ويخالفك فيه غيرك، فحينئذ: هل يجوز لي أن أسألك عن سلفك في هذا الفهم من هذا النص، أم أن الأمر عندك أن كل إنسان يجوز له أن يفهم من النص ما يشاء؟
وأما ما ذكرتَه من (تحريم الكتاب بالكتابين والسيارة بسيارتين) فلم يقل به أحد على الإطلاق لا من السابقين ولا من اللاحقين، لا من الصحابة ولا من التابعين، ولا من الأئمة الأربعة ولا من أتباعهم وأئمتهم المحققين، ولا من الظاهرية، ولا ابن حزم نفسه، ولا حتى من العلماء المعاصرين!
فهل تزعم أن هذا التحريم كان مجهولا عند أهل العلم أكثر من ألف عام حتى عرفتَه أنت؟
وأما ما ذكرتَه من مسألة العول، فجوابك سديد جدا، فجزاك الله خيرا، وهو جواب من عرف قدر نفسه فاقتصر حيث يجب الاقتصار.
ولكن عندي تساؤل آخر له تعلق بهذه المسألة:
الصحابة لما اختلفوا في هذه المسألة، هل قال أحد منهم: هذا عفو لسنا مسئولين عنه، ولذلك فمن أخذ بأي قول فهو مصيب!
وأيضا الصحابة الذين خالفوا ابن عباس في هذه المسألة وقالوا بالعول على أي شيء بنوا كلامهم؟
¥