(قال النبي صلى الله عليه وسلم:لا يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان)، وذلك لأن الغضب يجعل صاحبه زائغ العقل ولا يعطي القضاء حقه، وهذا المعنى موجود في الحاقن حقنا شديدا، والجائع جوعا شديدا، والعطشان عطشا شديدا؛ ومن ثم لا يصح للقاضي أن يقضي بين اثنين وهو حاقن نظرا إلى مقصود الشارع، ولا وهو عطشان عطشان شديدا، ولا وهو جائع جوعا شديدا؛ لأن ذلك يتسبب في التأثير على القاضي ولا يجعله يعطي القضاء حقه
سؤالي هو:
يمكنك أن تقول: أخطأ هذا الفقيه أو أصاب، ولكن بغض النظر عن صحة كلام هذا الفقيه أو خطئه، هل يصح أن نقول: (إن هذا الفقيه على ضلال مبين، وما فعله من الاستنباط محرم ولا يجوز؟
في أدلة إبطال القياس في الفصل الثاني سقت مثلا قريبا من ذلك:
عن البراء بن عازب قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أربع لا يجزين في الأضاحي، العوراء البين عورها، و المريضة البين مرضها، و العرجاء البين ظلعها، و الكسيرة التي لا تنقى. قال عبيد بن فيروز: فإني أكره أن يكون نقص في القرن و الأذن؟ قال: فما كرهت منه فدعه، و لا تحرمه من أحد.) صحيح النسائي 4382، صحيح ابن ماجه 2562،
فهنا أنكر البراء بن عازب على السائل إلحاق المسكوت عنه بالمنصوص عليه في التحريم، رغم أن هذا الإلحاق من السائل كان مبنيا على الاشتراك في العلة التي قدرها و هي العيوب الظاهرة في جسد الأضحية.
انتهى
و لا أقول إلا ما قاله البراء بن عازب: ما رأيته لا يصح فدعه و لا تحرمه على أحد.
فإن قال الفقيه بالتحريم قلت لا يجوز .. فهذا التحريم باطل شرعا لأنه تحريم لأمر سكت الله عنه.
و لا أقول هو في ضلال مبين و لكن أقول أخطأ عن غير عمد متأولا أدلة ظنها حجة للقياس، و قد قال تعالى (ليس عليكم جناح فيما أخطأتم به و لكن ما تعمدت قلوبكم).
اختلاف المدلول تأثرا بمصدر الدال لم يمنعك من فهم معنى الكلام في الحالتين.
كلامي يُفهم منه الاحتمالان وفق مقتضى كلام العرب و إليك نص كلامي:
لا تفيد حصر علة الرسوب في ترك المذاكرة.
فمثلا يمكن أن يعتبر الابن و يترك المذاكرة مع أخذ إحتياطات جيدة للغش.
الأب لم ينصح ابنه بشئ غير الاعتبار فقط، فكيف تفترض أن هذا الأب رجل صالح؟، و الابن بعد التفكر في الحادثة قد يعتبر بالمذاكرة أو بغيرها.
ثم ذكرت أن هذا الاختلاف في كلام البشر، أما في كلام رب البشر فلا تتحقق هذه الصفة
سبحان الله!!
إذن لماذا ذكرت ذلك ما دام لا يفيد في النقاش، ونحن نقاشنا أصلا في النصوص الشرعية؟!
لأن الاعتبار كما أوضحت في الفصل الثالث له ما لا يُحصى من المعان، و لا بد من الرجوع إلى السياق القرآني الذي ورد به لمعرفة معناه الشرعي، و إذا أقررتك على معنى الاعتبار في هذا المثل، قد تفهم منه أن هذا المعنى ينطبق على المعنى الشرعي للاعتبار، و الفرق بينهما كبير. لأن السياق هو الذي يحدد معنى الاعتبار، و سياق الآية التي ورد فيها الأمر بالاعتبار يختلف عن سياق المثل الذي ضربته.
و جزاكم الله خيرا.
ـ[نصر الدين المصري]ــــــــ[01 - 09 - 06, 06:36 م]ـ
أخي الحبيب أبو إسلام
وسؤالك عن العقيدة خارج الموضوع ولا علاقة له بالقياس لاستنباط الأحكام الفقهية
فلا تخرج عن الموضوع , وأنت دائما تدعي أنك لا تسأل إلا عما أشكل عليك من كلامي!!!!
وكلامي إنما هو في استنباط الأحكام الشرعية , وعمل المجتهد بما توصل إليه
فلا تسأل الآن إلا فيما يتعلق بذلك
سؤالي يتعلق بما قلته في مبحثك (القطع و الظن في الأدلة الشرعية)
المجتهد يقطع بوجوب العمل بخبر الثقة الذي بلغه
المجتهد لا يقطع بأن هذا الخبر موافق لحكم الله في الواقع , لوجود الإحتمال المذكور
فالإحتمال المذكور ينفي تحقق القطع بالنسبة للمجتهد الواحد الذي لم تبلغه جميع طرق الحديث
فإذا انتفى القطع؛ فلم يتبق إلا غالب الظن ,لأن الغالب على الثقة أنه يؤدي كما سمع
هذا كلامك بخصوص خبر الواحد الثقة في الأحكام .. فأنت توجب العمل مع الشك البسيط في صحته (أي تنفي العلم به) و أنت تتفق في ذلك مع ابن تيمية حيث قال:
خَبَر الْوَاحِد الثِّقَةِ حُجَّةٌ مِنْ حُجَجِ الشَّرْعِ يَلْزَمُ الْعَمَلُ بِهَا، وَيُفِيدُ الظَّنَّ وَلَا يُفِيدُ الْعِلْمَ
و لكني لم أفهم هل ينطبق هذا الكلام على خبر الواحد الثقة في العقيدة مثل انطباقه على الأحكام؟
و لذا سألتك:
العالم المجتهد الذي يصله خبر الواحد الثقة في العقيدة، و لا يستطيع الجزم بأن قد بلغه جميع طرق الحديث، هل يأخذ بهذا الخبر أم لا؟
مع التنويه أن عدم جزمه بأن قد بلغه جميع طرق الحديث يعني عدم جزمه بالإجماع قطعا
و هل يجوز إتباع الظني في العقيدة؟ أم القطعي فقط؟
و هذه ليست مناقشة فإجابة كل سؤال كلمة واحدة ..
لأني عند الرد لا أريد وضع كل الاحتمالات و الرد على كل احتمال على حدة اختصارا للوقت، فإن أجبتني يسرت على الطريق، و إن لم تشأ الرد، فلا بأس أخي ..
و أتركك للمتابعة .. وفقك الله.
¥