تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال العلامة الألباني رحمه الله تعالي في (الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام) (ص 15): أن رد الحديث الصحيح بالقياس أو غيره من القواعد التي سبق ذكرها مثل رده بمخالفة أهل المدينة له، لهو مخالفة صريحة لتلك الآيات والأحاديث المتقدمة بوجوب الرجوع إلي الكتاب والسنة عند الاختلاف والتنازع

ومما لا شك فيه عند أهل العلم أن رد الحديث لمثل ما ذكرنا من القواعد، ليس مما اتفق عليه أهل العلم كلهم، بل إن جماهير العلماء يخالفون تلك القواعد، ويقدمون عليها الحديث الصحيح اتباعاً للكتاب والسنة.

كيف لا مع أن الواجب العمل بالحديث ولو مع ظن الاتفاق علي خلافه أو عدم العلم بمن عمل به.

قال الامام الشافعي في (الرسالة) (ص 423 - 164): ويجب أن يقبل الخبر في الوقت الذي يثبت فيه، وإن لم يمض عمل من الأئمة بمثل الخبر.

وقال ابن القيم في (اعلام الموقعين) (1/ 32 - 33): ولم يكن الامام أحمد رحمه الله يقدم علي الحديث الصحيح، عملاً ولا رأياً ولا قياساً ولا قول صاحب، ولا عدم علمه بالمخالف الذي يسميه كثير من الناس إجماعاً، ويقدمونه علي الحديث الصحيح

وقد كذب أحمد من ادعي هذا الاجماع، ولم يسغ تقديمه علي الحديث الثابت

وكذلك الشافعي أيضاً نص في (الرسالة الجديدة) علي أن ما لا يُعلم فيه بخلاف لا يقال له إجماع ... ونصوص رسول الله صلي الله عليه وسلم أجل عند الإمام أحمد وسائر أئمة الحديث من أن يقدموا عليها توهم إجماع، مضمونه عدم العلم بالمخالف

ولو ساغ لتعطلت النصوص، وساغ لكل من لم يعلم مخالفاً في حكم مسألة أن يقدم جهله بالمخالف علي النصوص.

وقال ابن القيم أيضاً (3/ 464 - 465): وقد كان السلف الطيب يشتد نكيرهم وغضبهم علي من عارض حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم برأي أو قياس أو استحسان، أو قول أحد من الناس كائناً من كان

ويهجرون فاعل ذلك وينكرون علي من ضرب الأمثال، ولا يسوغون غير الانقياد له صلي الله عليه وسلم والتسليم، والتلقي بالسمع والطاعة

ولا يخطر بقلوبهم التوقف في قبوله حتي يشهد له عمل أو قياس، أو يوافق قول فلان وفلان

بل كانوا عاملين بقوله تعالي {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضي الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} وأمثاله (مما تقدم)

فدُفعنا إلي زمان إذا قيل لأحدهم: ثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: كذا وكذا، يقول من قال بهذا؟

دفعاً في صدر الحديث، ويجعل جهله بالقائل حجة له في مخالفته وترك العمل به، ولو نصح نفسه لعلم أن هذا الكلام من أعظم الباطل، وأنه لا يحل له دفع سنن رسول الله صلي الله عليه وسلم بمثل هذا الجهل

وأقبح من ذلك عذره في جهله، إذ يعتقد أن الإجماع منعقد علي مخالفة تلك السنة

وهذا سوء ظن بجماعة المسلمين، إذ ينسبهم إلي اتفاقهم علي مخالفة سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم، وأقبح من ذلك عذره في دعوي هذا الإجماع، وهو جهله وعدم علمه بمن قال بالحديث، فعاد الأمر إلي تقديم جهله علي السنة والله المستعان.

قلت (الألباني): وإذا كان هذا حال من يخالف السنة وهو يظن أن العلماء اتفقوا علي خلافها، فكيف يكون حال من يخالفها، إذا كان يعلم أن كثيراً من العلماء قد قالوا بها، وأن من خالفها لا حجة له إلا من مثل تلك القواعد المشار إليها، أو التقليد علي ما سيأتي.

هذا والحمد لله رب العالمين


محمد الأمين11 - 10 - 2002, 12:40 AM
كلام الشيخ الألباني فيه نظر.

إذ أن الإجماع على أن نصاً ما هو على الاستحباب إنما هو قرينةً كافيةً للعدول عن الوجوب إلى الاستحباب.

وكل من قال قولاً مخالفاً للإجماع كان هذا القول شاذاً. والإمام أحمد بعيد عن هذا. كيف وهو القائل: لا تتكلم في مسألةٍ ليس لك بها إمام؟! ومن نسب إليه غير هذا فقد غلط عليه.

ثم إنه من المحال على الأمة أن تجمع على الباطل. فمن زعم أن الإجماع قد يعارض الكتاب والسنة كان واهماً. فكيف يجتمع علماء الإسلام من لدن النبوة إلى آخر القرون المفضّلة، كلهم على نفس الخطأ، ولا يبعث الله لهم أحداً يبيّن لهم خطأهم؟ هذا سوء ظنٍّ بعلماء هذه الأمة التي هي خير أمة أخرجت للناس.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير