تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[طالب العلم عبدالله]ــــــــ[05 - 01 - 07, 08:57 م]ـ

المطلب الثاني: مكانة قاعدة المشقة تجلب التيسير في واقع حياة الإنسان:

تأملت واقع حياة الإنسان فرأيت أنه يتعرض لثلاثة أمور يظهر فيهم تأثير قاعدة المشقة تجلب التيسير بشكل واضح جلي وهي: الصبر والاضطرار، والظلم، وإذا قال أحد ما: أرجو التوضيح أكثر!، أقول وبالله التوفيق:

1 - الصبر:

ففي حالة تعرض الإنسان المؤمن للشدة واختياره في هذه الحالة الصبرطريقا ومنهجا، فإن الله تعالى يفرج عنه كربه، وهذا مشاهد في

ــــــــــــــــــــــ

1 - موقع مجلس الأمة الكويتي على الشبكة العنكبوتية، نظرية الضرورة في القانون والمراسيم بقوانين: www.majlesalommah.net

واقع الحياة بكثرة، حتى أن عددا من علماء المسلمين ألفوا كتبا تخص هذا الموضوع، ومنهم ابن أبي الدنيا (1) صاحب كتاب الفرج بعد الشدة (2)،والتوخي (3) صاحب كتاب الفرج بعد الشدة (4) أيضا.

وقد سجل الشعراء هذا الواقع المشاهد في أشعارهم، وهذه أبيات أوردها على سبيل المثال:

إذا ما أَلَمَّت شدةٌ فاصْطَبِر لها فخيرُ سِلاحِ المرءِ في الشدةِ الصبرُ (5)

وأيضا:

لا تيأسنْ فكلُّ عُسْرٍ بعدَهُ يُسْرٌ يُسَرُّ به الفُؤادُ المحرَجُ

واصبِرْ فإنَّ الصَّبرَ في الدٌّنيا إلى نَيْلِ المُنى والقَصْدِ نِعْمَ المنْهجُ (6)

وكما يعلم الجميع أن في الصبر مشقة، لكنه سبب لجلب الفرج وهو اليسر.

ـــــــــــــــ

1 - هو عبدالله بن محمد بن عبيد بن سفيان القرشي مولى بني أمية المعروف بابن أبي الدنيا، صاحب الكتب المصنفة التي ربت كما قيل عن 300 مصنف، توفي في سنة (281 هـ)،ينظر: طبقات الحنابلة، لابن أبي يعلي:1/ 192،والبداية والنهاية، لابن كثير:11/ 71.

2 - أصدرت الكتاب مؤسسة الكتب الثقافية في مدينة بيروت اللبنانية، وكانت الطبعة الأولى سنة:1993م.

3 - هو المحسن بن علي بن محمد بن داود بن الفهم التنوخي، ولد في البصرة سنة (329هـ)، وولي القضاء في حياته، وله مصنف مشهور وهو نشوار المحاضرة الذي اشترط فيه أن لا يضمنه شيئاً نقله من كتاب، وكان شاعرا مجيدا، وتوفي في بغدد سنة (384هـ)،ينظر: معجم الأدباء، لياقوت الحموي:5/ 63،شذرات الذهب، للعكري:3/ 112.

4 - صدر الكتاب في بيروت سنة 1978م بتحقيق: الدكتور عبود الشالجي في خمسة مجلدات.

5 - ابن أبي الدنيا، الفرج بعد الشدة:102.

6 - ابن أبي الدنيا، الفرج بعد الشدة:103.

2 - الاضطرار:

سبحان الذي قال في محكم آياته: {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} (النمل:62)، وصدق الله العظيم ومن أصدق منه سبحانه، فكم من مضطر استجاب الله تعالى له سواء كان مسلم أو كافر، والقصص التي حصلت للناس والتي تؤكد شعورهم بذلك في حياتهم كثيرة جدا، ويصور القرآن قصة من القصص التي تكررت كثيرا في حياة الإنسان،والتي توضح لنا حالة من حالات الاضطرار التي يقع فيها بني آدم في مشقة وعنت، وبسبب توجهه لله تعالى بالدعاء تنكشف الغمة ويهل اليسر، وذلك في قوله تعالى: {وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ} (لقمان:32)

3 - الظلم:

روى البخاري بإسناده عن ابن عباس رضي الله عنهما:" أن النبي صلى الله عليه وسلم بَعثَ مُعَاذاً إلى اليَمَن فقال: (اتَّقِ دَعْوَةَ المظْلُومِ فَإِنَّها ليس بَيْنَها وبِيْنَ اللهِ حِجابٌ) "،وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكم من دعوة خرجت من مظلوم، استجاب الله تعالى لها، وفرج عنه همه ومصيبته بسبب الظلم، وسبحان من قال: {وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ} (التوبة:14)، فالظلم مشقة يتعرض لها بني آدم، والتوجه للمولى عز وجل بالدعاء هي السبب الذي يجلب التيسير، والله أعلم وأحكم.

ـــــــــــــــ

1 - أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب: المظالم، باب: التقاء والحذر من دعوة المظلوم:2/ 864.

ـ[طالب العلم عبدالله]ــــــــ[05 - 01 - 07, 08:59 م]ـ

** الخاتمة **

الحمد لله تعالى والشكر له سبحانه، على أن أعانني على إتمام هذه الدراسة بمنه وكرمه عز وجل، ويسُرُنِي في نهاية البحث أن أعرض أهم النتائج والتوصيات التي أتصور أنها يجب أن تدون:

أولا: النتائج:

1 - ظهر لي أن قاعدة المشقة تجلب التيسير تحتل موقعا خطيرا ومهما بين القواعد الفقهية، يجعل الفقيه في حاجة ماسة للاطلاع على كل ما يخصها حتى ينضبط اجتهاده.

2 - ويبدو لي أن الدراسات التي دارت حول هذه القاعدة ليست كافية، ومازلنا نحتاج إلى دراسات ومباحث تخص هذه القاعدة.

3 - ويلاحظ أن قاعدة المشقة تجلب التيسير، تصلح لأن تكون أساسا محوريا عند سن القوانين، ووضع اللوائح والأنظمة للمؤسسات بأنواعها، مما يجعل القوانين والأنظمة واللوائح منطقية وقابلة للتطبيق، ومثمرة في نفس الوقت، لأن هذه القاعدة جزء من طبيعة حياة الإنسان وواقعه الذي يعيشه.

ثانيا: التوصيات:

1 - أتمنى أن تظهر بحوث تبرز هذه القاعدة أكثر، وخاصة فيما يخص طرق الاسفادة منها في الوقت الحاضر في سن القوانين، وتنظيم لوائح المؤسسات.

2 - كم أتمنى لو تُدرس قاعدة المشقة تجلب التيسير،وغيرها من القواعد الفقهية الكلية بشكل أكبر وأوسع لطلبة الدراسات العليا، وتتاح لهم فرصة التعرف بشكل عملي على كيفية الاستفادة من هذه القواعد الكلية عند الاستنباط.

**والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات**

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير