[الإقناع بـ (حجية الإجماع, وأن عدم العلم بالمخالف = حجة قطعية أو إجماع)]
ـ[أبو إسلام عبد ربه]ــــــــ[16 - 01 - 07, 03:00 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا البحث كنتُ قد وعدتُ به منذ فترة طويلة, وقد انتهيتُ منه قريبا بفضل الله تعالى, وهو يمثل بابا بأحد الأبحاث التي كانت تشغلني الفترة الماضية.
وهذه الأبحاث تمثل ثمرة ما يقارب العشرين عاما في دراسة علم أصول الفقه.
=========
وسأتابع الرد على الشبهات لمدة ثلاثة أيام فقط, ولا يمكنني المتابعة بعد ذلك؛ لضيق الوقت جدا, والحق واضح بفضل الله تعالى.
===================
والكلام هنا – بعون الله تعالى - في ستة مطالب:
المطلب الأول: بيان اتفاق العلماء على حجية الإجماع, وبيان أن أول من أنكره: النَّظَّام المتهم بالزندقة.
المطلب الثاني: تحذير المسلمين من خطر منكري حجية إجماع علماء الدين.
المطلب الثالث: بيان الأدلة القطعية على حجية الإجماع, ويتقرر بقاعدتين:
القاعدة الأولى: أنه يستحيل أن يخلو عصر من ناطق بالحق.
القاعدة الثانية: ضمان الله تعالى حفظ أقوال أهل العلم التي بها يُحفظ الدين.
المطلب الرابع: تصريح الإمام الشافعي بوجوب اتباع القول الواحد الذي بَلَغَه عَمَّن سبقوه.
وإليكم التفصيل:
المطلب الأول: بيان اتفاق العلماء على حجية الإجماع
أول من أنكر إمكان وقوع الإجماع وحجيته هو الزنديق " إبراهيم النَّظَّام ".
قال الإمام الجويني - إمام الحرمين -:
(فأول من أنكر الإجماع: النَّظَّام). انتهى وقال الإمام ابن قدامة – بعد أن ذكر أدلة حجية الإجماع -:
(هذه الأحاديث لَمْ تَزَلْ مشهورة بين الصحابة والتابعين يتمسكون بها في إثبات الإجماع ولا يُظْهِر فيه أَحَدٌ خِلَافا إلى زَمَن النَّظَّام). انتهى
وقال الإمام الزركشي في (البحر المحيط) في أصول الفقه:
(فَهُوَ– أي الإجماع -حُجَّةٌ شَرْعِيَّةٌ، وَلَمْ يُخَالِفْ فِيهِ غَيْرُ النَّظَّامِ وَالْإِمَامِيَّةِ.
قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: أَوَّلُ مَنْ بَاحَ بِرَدِّهِ النَّظَّامُ، ثُمَّ تَابَعَهُ بَعْضُ الرَّوَافِضِ). انتهى
قلتُ: فهل تعلمون أيها الإخوة الأفاضل من هو النَّظَّام؟!!
إنه إبراهيم النَّظَّام الزنديق الكافر, الذي كان يسعى لهدم الشريعة الإسلامية.
وفي بيان حقيقته يقول الإمام تاج الدين السبكي في كتابه (الإبهاج) في أصول الفقه:
(واعلم أن النٌظَاَّم المذكور هو أبو إسحاق إبراهيم بن سيار النظام, كان ينظم الخرز بسوق البصر , وكان يُظْهر الاعتزا ل, وهو الذي ينسب إليه الفرقة النظامية من المعتزلة؛ لكنه كان زنديقا. وإنما أنكر الإجماع لقصده الطعن في الشريعة .. وكل ذلك زندقة, لعنه الله. وله كتاب نصر التثليث على التوحيد. وإنما أظهر الاعتزال خوفًا من سيف الشرع, وله فضائح عديدة, وأكثرها طعن في الشريعة). انتهىقلتُ:
هذا هو القدوة الذي يقتدي به منكرو الإجماع في إنكار إمكان وقوع الإجماع!!
وَلَيْتَهمُ قرأوا كلام العلامة محب الله بن عبد الشكور في كتابه (مُسَلَّم الثُّبُوت) في أصول الفقه, حيث قال– مع شرحه للعلامة عبد العلي الأنصاري (فواتح الرحموت):
(الإجماع حجة قطعا, ويفيد العلم الجازم عند الجميع من أهل القبلة , ولا يُعْتَدّ بشرذمة من الحمقى الخوارج والشيعة لأنهم حادثون بعد الاتفاق؛ يشككون في ضروريات الدين مثل السوفسطائية). انتهى
وترى دائمًا أهل الباطل يزعمون أن الإجماع مختلف في حجيته, وقد أبطل العلماء هذه الشبهة على مر الأزمان.
ومن ذلك قول الإمام أبو المظفر السمعاني:
(إذا تَعَرَّفْنَا حال الأمة؛ وجدناهم متفقين على تضليل من يخالف الإجماع وتخطئته, وَلَمْ تَزَل الأمة يَنْسُبون المخالفين للإجماع إلى المروق وشَقّ العصا ومحادة المسلمين ومشاقتهم, ولا يَعُدُّون ذلك من الأمور الهَيِّنَة, بل يَعدُّون ذلك من عِظَام الأمور, وقبيح الارتكابات, فَدَلَّ أنهم عَدُّوا إجماع المسلمين حجةً يَحْرُم مخالفتها, وفي المسألة دلائل كثيرة ذكرها الأصحاب, وأوردها المتكلمون, والقدر الذي قلناه كافٍ, وهو المعتمد). انتهى
وفي ذلك يقول الإمام الجويني– إمام الحرمين -:
¥