وقد تنوسي هذا العلم وأعرض عنه الناس الإعراض التام في بلادنا هذه حتى صار قفراً موحشاً لا هادي فيه ولا مهتدي، وتوغل الناس في الجهل حتى إن المنتسبين إلى للعلم في بلادنا هذه ليظنون أن الفروع المدونة في الكتب كلها أحكام الله التي نزلت من عنده في الكتاب والسنة، ولا يميزون بين المنصوص والمستنبط، وإنما يعتقدون أنها كلها مستوية في القوة نزلت من عند الله هكذا، وأنها كلّها يقينية؛ وقد بلغني عن بعضهم أنه يطعن في علم أصول الفقه، ويقول أنه مستغنى عنه، وأن المشتغل به ساعٍ فيما لا طائل تحته؛ وأن فروع الشريعة قد دونت وتمت، فلا تزداد ولا تنقص، وبلغني أنه يزعم مع هذا كله أنه يعلمه، وهذا لعمري إن صح عنه هو عين الجهل المركب الذي لا يرجى لصاحبه رجوع ولا توبة؛
ولا يدري الجاهل أن الوقائع الفعلية كالمخلوقات الحسية يتجدد في كل زمن منها ما لم يقع في الوجود قط، فأحرى أن يتكلم فيه مجتهد بحمك يخصه. فلولا أصول الشريعة لم يعلم للنوازل المتجددة حكم، لأن أحكامها إنما تستنبط من الأصول والاجتهاد؛ ففروع الشريعة تزداد في كل حين على حسب تجدد الوقائع الفعلية وتنقص أيضا بحسب سقوط ما بنيت عليه من الأصول. لأن من الأصول ما يختص بزمان دون زمان، وبلد دون بلد كالمصالح المرسلة، والعوائد ونحو ذلك؛ وإذا سقط الأصل سقط الفرع من باب أحرى.
فلذا تحركت همتي وانصرفت كلها إليه، وأعملت فكري ونظري في تحريره وضبطه وتبيينه وتقريره، فشرعت أجوِّده للناس بضبط كلياته وتطبيقها على جزئياتها، وإيضاح المجمل منها، وإزالة المشكل، وبيان معنى اللفظ المبهم، رجاء أن أكون ممن أحيا سُنَّةً أميتت من سنن النبي وعلماً درَس ودثرَ من أجلّ العلوم الشرعية.
ولما رأى بعض الإخوان شدّة اعتنائي به وكمال رغبتي فيه وعكوفي على مطالعة كتبه وتحريري لكلياته وجزئياته في الفتاوى والتأليف طلب مني أن أشرح له منظومة الفقيه ابن عاصم المسماة بـ"مرتقى الوصول" شرحاً يبين معانيها الغامضة، ويثير سحائب بروقها الوامضة، ويكشف الغطاء عن مخبئات أسرارها الخفية، ويزيل الخفاء عن مسائلها الكلية والجزئية؛ فأجبته إلى ذلك مستعينا بالله عليه، ومفوضاً أمري إليه، ومتبرِّئاً من حولي وقوَّتي إلى حوله وقوَّته رجاء إنجاح طلبتي.
ـ[بلعباس]ــــــــ[11 - 03 - 07, 09:37 م]ـ
هلا تكرمت بتنزيل الطبعة الحجرية على شكل pdf ولك جزيل الشكر
ـ[الشاطبي الوهراني]ــــــــ[11 - 03 - 07, 09:53 م]ـ
هلا تكرمت بتنزيل الطبعة الحجرية على شكل pdf ولك جزيل الشكر
أخي الكريم النسخة التي معي مصورة آليًا عن الحجرية وهي معي منذ أكثر من 15 سنة وقد اهترأت، فإذا تيسرت وسائل التصوير سواء من النسخة التي معي أو غيرها فلن أتأخر
ـ[أحمد إندونيسي]ــــــــ[30 - 05 - 07, 06:35 م]ـ
جزاك الله خيرا يا أخي أنا أحتاج هذا الكتاب
ـ[ابو ايمن البرجي]ــــــــ[04 - 06 - 07, 07:26 م]ـ
جزاكم الله خيرا
لقد طبع الكتاب في موريتانيا من طرف مكتبة الولاتي بنواقشط
وهو الان متوفر بتحقيق احد الشناقطة