3. قال الباحث بارك الله فيه في خاتمة البحث: "ويبينوا للناس أن هذا النوع من الخلاف لا يجوز الإنكار فيه وتخطئة المخالف، والرد عليه، وإنما هي من المسائل التي قد يقتنع فريق فيها بقول، ويقتنع الآخر بقول آخر، ولا يمكننا أن نخطئ أحد القولين."
يظهر من هذا الكلام أنه يقول بمذهب المصوبة، مع أنه قد رجح في المسألة قول المخطئة! والصحيح أن يقول لا تأثيم للمخالف إن كان قوله وصل إليه بالاجتهاد، أما الرد على المخالف وتخطئته فهو سائغ مشروع سواء في الأصول أم الفروع.
ـ[أبو الفرج مهدي]ــــــــ[06 - 05 - 07, 06:35 م]ـ
4. وأعظم تنبيه يجب التفطن إليه هو تقسيم أكثر الأصوليين الدين إلى مسائل أصول ومسائل فروع، وجعلوا مسائل الأصول قطعية ومسائل الفروع ظنية، وبنوا على هذا التقسيم الفرق بين الناظر في المسائل والأحكام العقلية القطعية التي سموها أصول، وبين الناظر في المسائل العملية الفروعية، فخصوا الاجتهاد والنظر في أصول الدين بأمور:
- أن يكون المصيب فيها واحد.
- وأن الظن والتقليد فيها غير معتبر.
- وأن العاجز عن معرفة الحق في هذه المسائل غير معذور.
- وأن المخطئ فيها آثم فاسق ضال، واختلفوا في تكفيره.
فمسألة التصويب والتخطئة بناها أكثر الأصوليين على التفريق بين الأصول والفروع، ثم جعلوا الحق في الأصول واحدا والمخطئ في الأصول آثما غير معذور، ونقلوا الإجماع على هذا، وخطؤوا العنبري فيما ذهب إليه من القول بالتصويب في الأصول.
وأول من قال بالتفريق بين مسائل الأصول ومسائل الفروع المعتزلة، ثم أخذه الباقلاني عنهم، وتبعه عليه معظم الأصوليين. وليس على هذا التفريق دليل لا من كتاب ولا من سنة، ولا قاله أحد من السلف. وهو باطل، فإن هؤلاء المفرقين بين الأصول والفروع لم يجعلوا لهذا التقسيم فوارق صحيحة تميز بين النوعين، بل ذكروا ثلاثة فروق أو أربعة كلها باطلة.
والذي عليه السلف من الصحابة التابعين وأئمة الفقه في الدين عدم اعتبار هذا التفريق بين الأصول والفروع، ولا يؤثمون مجتهدا مخطئا لا في المسائل الأصولية ولا في المسائل الفروعية، بل يعذرون المجتهد المخطئ في العقائد وغيرها، فما ادعى الأصوليون فيه من إجماع على تكفير وتخطئة المخطئ في الأصول، مسبوق بإجماع السلف على عدم تأثيمهم. ثم إن الله قد غفر لهذه الأمة الخطأ والنسيان، ولم يأت نص يفرق بين خطأ وخطأ، بل قوله سبحانه: {وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به} وقوله سبحانه: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} عام عموما محفوظا. وذاك الرجل الذي لم يعمل خيرا قط، أمر أهله أن يحرقوه إذا مات ثم يطحنوه ويذروه في الريح، قال الرجل:"فوالله لئن قدر الله علي ليعذبني"، فهذا الرجل أنكر قدرة الله تعالى على جمعه، ولكن لما كان مؤمنا بالله واليوم الآخر وجهل أن الله على كل شيء قدير غفر الله له جهله. (باختصار من المسائل المشتركة بين أصول الدين وأصول الفقه للشيخ محمد العروسي، وذكر فيه أمورا مهمة أخرى تتعلق بالمسألة ينبغي الرجوع إليها)
وعلى هذا فكل التفريقات التي ذكرها الباحث -حفظه الله- بين أصول الدين وأصول الفقه وما لا يسوغ فيه الاجتهاد من الفروع وما يسوغ فيه ذلك، هو تفريق باطل في نفسه، وانجرت عليه أمور باطلة أخرى، والحق أن الحكم في كل المذكورات واحد، وهو أن المصيب للحق واحد وله أجرين، وأن الإثم مرفوع عن المخطئ المجتهد وله أجر، أما إذا ترك المجتهد الاجتهاد فهو آثم وإن وافق حكمه الصواب. والله تعالى أعلم.
ـ[أبو الفرج مهدي]ــــــــ[06 - 05 - 07, 06:37 م]ـ
من لطيف إلزامات المخطئة للمصوبة في هذه المسألة ما ذكره تاج الدين الفركاح في شرح الورقات. قالوا:
- إن قلتم إن مذهب المخطئة خطأ فقد نقضتم مذهبكم في القول بالتصويب.
- وإن قلتم إن مذهبهم صواب فقد اعترفتم بمضمونه وهو أنه ليس كل مجتهد مصيبا، وهو تناقض منكم.
ـ[العيدان]ــــــــ[12 - 05 - 07, 02:50 م]ـ
لعل أخانا أبا حازم يشاركنا في هذه المسألة ..
ـ[أبو المجاهد السكندري]ــــــــ[14 - 05 - 07, 03:00 م]ـ
جزي الله أخي أبو الفرج خيرا علي نشر مذهب أهل السنة
لا فض فوك ولاعاش منيهجوك
ـ[أبو المجاهد السكندري]ــــــــ[14 - 05 - 07, 03:02 م]ـ
أقصد أبي الفرج لعل الإعراب يكون صحيحا
ـ[أبو الفرج مهدي]ــــــــ[14 - 05 - 07, 09:51 م]ـ
وجزاك خيرا.
¥