تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المنطق في أول المستصفى: (هذه مقدمة العلوم كلها ومن لا يحيط بها فلا ثقة له بمعلومه أصلا). وقوله في المنقذ من الضلال. (وأما المنطقيات فلا يتعلق شيء منها في الدين نفيا ولا إثباتا , بل وهو نظر في طرق الأدلة والمقاييس وشروط مقدمة البرهان وكيفية تركيبها وشروط الحد الصحيح وكيفية ترتيبها , وإن العلم , إما تصور وسبيل معرفته الحد , وإما تصديق وسبيل معرفته البرهان , وليس في هذا ما ينبغي أن ينكر فإنه من قبيل ما يتمسك به المتكلمون , وأهل النظر في الأدلة , وإنما يفارقونهم في العبارات والاصطلاحات , وبزيادة الاستقصاء في التفريعات والتشعيبات , ومثال كلامهم فيه: إذا ثبت أن كل إنسان حيوان لزم منه أن بعض الحيوان إنسان , وأن كل من ثبت أنه إنسان ثبت أنه حيوان ويعبرون عن هذا بأن الموجبة الكلية تستلزم موجبة جزئية , وهذا حق لا شك فيه فكيف ينبغي أن يجحد وينكر؟ على أنه لا تعلق له بمهمات الدين ثم متى أنكر مثل هذا لزم منه عند أهل المنطق سوء الاعتقاد في عقل المنكر بل في دينه الذي يزعم أن فيه إبطال مثل هذا) ا هـ. فتأمله تأملا خاليا عن التعصب تجده - رحمه الله - قد أوضح المحجة وأقام الحجة على أنه ليس فيه شيء مما ينكر ولا مما يجر إلى ما ينكر , وعلى أنه ينفع في العلوم الشرعية كأصول الدين والفقه , وقد أطلق الفقهاء أن ما ينفع في العلوم الشرعية محترم يحرم الاستنجاء به , ويجب تعلمه وتعليمه على الكفاية كالطب والنحو والحساب والعروض ثم قال بعضهم كالإسنوي بعد ذلك بسطرين: (إن المنطق غير محترم فعلمنا أن مراده المنطق الذي لا ينفع في العلوم الشرعية أو الذي يعود منه ضرر على الدين , وهذا نوع من منطق الفلاسفة الأول يبحثون فيه عن نحو ما ذكره الغزالي ثم يدرجون فيه البحث عن حال الموجودات وكيفية تراكيبها ومفاهيمها وأعراضها وغير ذلك مما يخالفون فيه علماء الإسلام حتى انتصبوا لهم , وردوا جميع مقالاتهم الفظيعة الشنيعة , فمثل هذا الفن من المنطق هو الذي يحرم الاشتغال به. وعليه يحمل كلام ابن الصلاح , ويدل لذلك قوله فيما مر عنه: (كفاية شرهم) , وقوله: (وإن زعم أحدهم أنه غير معتقد لعقائدهم فإن يكذبه) فعلمنا أن كلامه في منطق له شر وله أهل يعتقدون خلاف عقائد المسلمين , وهو النوع الذي ذكرته لا غير , وأما المنطق المتعارف الآن بين أيدي أكابر علماء أهل السنة فليس فيه شيء مما ينكر ولا شيء من عقائد المتفلسفين , بل هو علم نظري يحتاج لمزيد رياضة وتأمل يستعان به على التحرز عن الخطإ في الفكر ما أمكن فمعاذ الله أن ينكر ذلك ابن الصلاح ولا أدون منه وإنما وقع التشنيع عليه من جماعة من المتأخرين ; لأنهم جهلوه فعادوه كما قيل: (من جهل شيئا عاداه) وكفى به نافعا في الدين أنه لا يمكن أن ترد شبهة من شبه الفلاسفة وغيرهم من الفرق إلا بمراعاته ومراعاة قواعده وكفى الجاهل به أنه لا يقدر على التفوه مع الفلسفي وغيره العارف به ببنت شفة بل يصير نحو الفلسفي يلحن بحجته , وذلك الجاهل به وإن كان من العلماء الأكابر ساكتا لا يحير جوابا ولقد أحسن القرافي من أئمة المالكية وأجاد حيث جعله شرطا من شرائط الاجتهاد وأن المجتهد متى جهله سلب عنه اسم الاجتهاد فقال في بحث شروط الاجتهاد: (يشترط معرفة شرائط الحد والبرهان على الإطلاق , فمن عرفهما استضاء بهما ; لأن الحدود هي التي تضبط الحقائق التصورية فمن علم ضابط شيء استضاء به , فأي محل وجده ينطبق عليه علم أنه تلك الحقيقة وما لا فلا , وهو معنى قول بعض الفضلاء إذا اختلفتم في الحقائق فحكموا الحدود , والمجتهد يحتاج في كل حكم لذلك الذي يجتهد فيه إن كان حقيقة بسيطة - فلا يضبطها إلا الحد , وإن كان تصديقا ببعض الأمور الشرعية - فكل تصديق مفتقر لتصورين فيحتاج في معرفتهما لضابطهما , فهو محتاج للحد كيف اتجه في اجتهاده , وشرائطه معلومة في علم المنطق , وهو وجوب الاطراد والانعكاس , وأن لا يحد بالأخفى ولا بالمساوي في الخفاء , ولا بما لا يعرف المحدود إلا بعد معرفته وأن لا يأتي باللفظ المجمل , ولا بالمجاز البعيد وأن يقدم الأعم على الأخص , وأما شرائط البرهان فيحتاج إليها ; لأن المجتهد لا بد له من دليل يدله على الحكم قطعي أو ظني , وكل دليل فله شروط محررة في علم المنطق من أخطأ شرطا منها فسد عليه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير