لا يقول مالك بحجية عمل أهل المدينة في كل زمان. وإنما يقصد فترة زمنية محددة. توفر فيها لأهل المدينة من أسباب العلم ما لم يتوفر لغيرهم. ثم انتهت تلك الأسباب وزالت، وصاروا كغيرهم من أهل البلدان الأخرى.
وقد حددها العلماء بما يُسمى الأعصار المفضلة، وهي عصر الصحابة، والتابعين، وعصر اتباع التابعين، قال ابن تيمية: والكلام إنما هو في إجماعهم فيي تلك الأعصار المفضلة.
وورد في ايصال السالك: إن عمل مدينة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الذي أجمعوا عليه من أدلة مذهب مالك. والمراد بهم الصحابة والتابعون.
وقال حبيب الله الشنقيطي: عمل أهل المدينة الذي هو حجة عند مالك هو ما كان من الصحابة والتابعين خاصة، لا من دونهم؛ لأن مالكاً كان من تابعي التابعين.فالذي هو حجة عنده هو إجماع أهل المدينة من الصحابة والتابعين.
ولعل ماخذ هذا القول رسالة مالك الى الليث بن سعد، التي ذكر فيها الميزات العلمية لأهل المدينة، والمنهج العلمي المتبع عندهم. واقتصر في ذلك على الصحابة والتابعين.
واما فترة أتباع التابعين، فليس فيما نقل عن مالك _فيما يبدو_ما يؤكد صحة احتجاجه بعملهم، وإن نصّ البعض على اعتبار العمل فيها حجة.
والذي يغلب على الظن احتجاجه بعمل أتباع التابعين. ويمكن تقوية هذا الظن بأمرين:
الامر الأول: ما جاء في رسالة الليث: بلغني أنك تُفتي الناس بأشياء مخالفة لما عليه جماعة الناس عندنا، وببلدنا الذي نحن فيه. فواضح أن هذا حديث عن معاصريه.
الأمر الثاني: أنه قد استدل لعمل أهل المدينة في مسالة من المسائل، فقال: الأمر عندنا كذا. فبلغ كلامه ابن أبي ذئب، فقال: ما يحل لمالك أن يقول هذا. ليس هذا مما ظن عليه. فلما علم كالك بقوله قال: أنا لا اعتد براي ابن أبي ذئب. إنما أعتد بمن أدركته من اهل العلم.
فإذا علمنا أن أهل العلم الذين أدركهم مالك، وتتلمذ عليهم، هم من التابعين ومن كان في فترتهم، تبين أنه يعتد في عمل أهل المدينة بالتابعين وأتباع التابعين.
أقول انا لأنه والله أعلم اعتبر قولهم امتداداً لقول التابعين وناقلين لأقوالهم.
وأُكمل الموضوع في وقت آخر ان شاء الله
ـ[منصور الكعبي]ــــــــ[04 - 06 - 07, 12:30 ص]ـ
أكمل من فضلك، ونحن بالانتظار، وأرجو أن تقتصر على مايعد دليلا شرعيا ودعنا من قول العلماء المؤيدين والمعارضين.
ـ[يوسف الخطيب]ــــــــ[04 - 06 - 07, 08:45 م]ـ
سأعمل جاهداً على إكمال الموضوع في القريب العاجل إن شاء الله.
ـ[أبو علي التونسي]ــــــــ[06 - 06 - 07, 11:50 ص]ـ
نحن في الانتظار أخي الكريم بارك الله فيك وبك