حتى إذا انتقلنا إلى القرن العاشر رأينا المؤلفات يصيبها شيء من الفتور، إذ لم نسجل من مؤلفي هذا القرن إلا ثلاث مؤلفين، أو قل لم نستطع العثور إلا على هؤلاء وهم: أبو العباس أحمد بن يحيى الونشريسي صاحب المعيار (914هـ)، وأبو العباس بن عمر التمبوكتي (942هـ)، وأبو الحسن علي بن قاسم بن محمد التجيبي المعروف بالزقاق (912هـ)، وعلى الرغم من قلة التأليف في هذا القرن، إلا أن القرن الحادي عشر شهد ازدهارًا في هذا الفن من حيث التأليف، إذ استطعنا أن نسجل من مؤلفيه عددًا لا بأس به، وهكذا وجدنا أبا زيد عبد الرحمن بن محمد الفاسي (1036هـ)، وأبا العباس أحمد بن أبي بكر الدلائي (1051هـ)، وأبا الحسن علي بن عبد الواحد السجلماسي (1057هـ)، وأبا عبد الله محمد المرابط الدلائي (1039هـ)، وأبا عبد الله محمد بن محمد سليمان الفاسي (1094هـ) وأبا زيد عبد الرحمن بن عبد القادر الفاسي (1096هـ) وأبا الحسن علي بن عبد الواحد الأنصاري السجلماسي (1057هـ).
ويزداد التأليف أكثر في القرن الثاني عشر، إذ نجد من مؤلفيه: أبا علي الحسن بن مسعود اليوسي (1111هـ)، وأبا عبد الله محمد بن الطيب بن محمد بن عبد القادر الفاسي (1113هـ)، وأبا عبد الله محمد بن قاسم بن زاكور الفاسي (1120هـ)، وأبا العباس أحمد بن محمد بن يعقوب الولالي (1123هـ)، وأبا العباس أحمد بن مبارك بن محمد البكري السجلماسي (1155هـ)، وأبا عبد الله محمد بن محمد الحسني البليدي (1176هـ)، وأبا عبد الله محمد بن عبادة ابن برى (1199هـ)، وأبا زيد عبد الرحمن بن جاد الله البناني المنتيري (1193هـ).
كما نعد من مؤلفي القرن الثالث عشر: أبا عبد الله محمد بن محمد الشفشاوني (1232هـ) وعبد الهادي بن عبد الله السجلماسي (1271هـ) وأبا عبد الله محمد بن المهدي بن الطالب بن سودة (1294هـ) ومحمد المازري بن محمد بن اطو بن إبراهيم الغول (1286هـ) ومحمد بن عبد الرحمن الديسي المولود عام (1270هـ) ومحمد بن الطاهر بن محمد بن الشاذلي بن عاشور (1284هـ) ومحمد بن علي التميمي التونسي (1236هـ).
ث
م يقل التأليف في هذا الفن في القرن الرابع عشر، لم نعدّ من مؤلفيه إلا خمسة أفراد وهم: محمد مصطفى ماء العينين الشنقيطي (كان حيّا 1320هـ) ومحمد بن عثمان النجار التونسي (1331هـ) وسالم بن عمر بوحاجب البسيلي التونسي (1342هـ) ومحمد يحيى بن محمد المختار ابن الطالب الشنقيطي الولاتي (1330هـ).
فهؤلاء هم الذين استطعنا أن نعثر على أسمائهم ضمن الذين ألفوا في علم أصول الفقه، ودلتنا المراجع على تعيين سني وفاتهم أو ميلادهم. وهناك أفراد آخرون ساهموا في التأليف، لكن لم نستطع تحديد الزمن الذي عاشوا فيه، ولا شك أن هناك مؤلفين آخرين لم نهتد إلى أسمائهم ممن يكونون قد ساهموا بإنتاجهم في هذا الفن .. ولا ريب أن هذا العدد الذي أحصيناه يقوم شاهدا على أن المغاربة لم يقصروا في هذا الميدان، وأنهم كغيرهم من العلماء، كانوا يتعاملون مع كتب الأصول دراسة وتدريسا وبحثا وإنتاجا، وفيه ما يدفع تلك التهمة التي ألصقت بهم ..
إلا أن الإنصاف يدفعنا رغم كثرة الإنتاج هذه إلى القول بان المغاربة لم يصلوا في هذا الفن ما وصله إخوانهم المشارقة، كما أن إنتاجهم في الغالب كانت تنصب على مؤلفات المشارقة يتناولونها بالشرح والتعليق دون أن يتعمقوا في ذلك تعمق المشارقة، فهم لم يستطيعوا أن يجاروا الشافعية أو الأحناف في هذا الميدان، لذلك رأيناهم يعتمدون على مؤلفات هؤلاء وأولئك، بها يتناظرون، وبها يدرسون ويدرسون، وبسبب ذلك ظلوا ضعفاء في البحث والمناظرة، وهذه الحقيقة عبر عنها أبو الوليد سليمان الباجي في كتابه: "المنهاج" إذ قال: " لما رأيت بعض أهل عصرنا عن سبل المناظرة ناكبين، وعن سنن المجادلة عادلين خائفين فيما لم يبلغهم عمله، ولم يحصل لهم فهمه، مرتبكين ارتباك الطالب لأمر لا يدري تحقيقه، والقاصد إلى نهج لا يهتدي طريقه، أزمعت على أن أجمع كتابا ... " إلى آخر ما قال (3). وأنت خبير بأن علم الجدل والمناظرة يعتمد أساسا على علم الأصول" ...
الهوامش:
(1) - فصل المقال ص 27 تحقيق: د. عمارة
(2) - النفح 1/ 221، تحقيق: د. إحسان عباس
(3) - المنهاج ص: 1
عمر الجيدي
(مجلة دعوة الحق، العدد 238 يوليوز 1984، بتصرف)
ـ[أبو إسحاق المالكي]ــــــــ[26 - 06 - 07, 03:39 م]ـ
أحسن الله إليكم ...
ذكر الأخ الفاضل "المالكي" أنَّ أول من وقف عليه وَصَف المغاربةَ بالضعف في علم الأصول-: هو ابن رشد الحفيد.
أقول: قد سبقه إلى هذه المقالة القاضي ابنُ العربي، ذَكَر ذلك في "القبس"، وفي "العارضة"، وأتى بعبارة غَليظة .. أذكُر أنّي لَمَّا قرأتُها أحْفَظتني، رحمه الله ..
ومِمَّنْ وَصَف المتأخرين من المغاربة بالضَّعْف في علم الأصول-: الإمامُ محمد الطَّاهر بن عاشور، في كتابه العَظيم: أليس الصبح بقريب ...
أقول: أنا ناقلٌ فقط، ولستُ في سبيل التحقيق في المسألة .. وقد أحسن أخي "المالكي" فيما كتب، بارك الله فيه، ونفعنا به .. آمين ..
¥