تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فلم يكن فيه تلبيس لا من جهة السمع ولا من جهة العقل. بل المتكلم بين فيه مراده والمستمع له لم يشتبه عليه. ولهذا نظائر كثيرة موجودة في كلام الأنبياء وغير الأنبياء من الخاصة والعامة ولا يفهم عاقل من ذلك أن ذات المذكور اتحدت بالآخر أو حلت فيه إلا من هو جاهل كالنصارى، والحمد لله في الأولى والآخرة.

بل هذا يراد به حلول الإيمان به ومعرفته ومحبته وذكره وعبادته ونوره وهداه. فجعل جوع عبده جوعه ومرضه مرضه لأن العبد موافق لله فيما يحبه ويرضاه ويأمر به وينهى عنه. وقد يعبر عن ذلك بحلول المثال العلمي كما قال تعالى: (وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله)، وقال تعالى: (وهو الله في السماوات وفي الأرض)، وقال تعالى: (وله المثل الأعلى في السماوات والأرض). فهو سبحانه له المثل الأعلى في قلوب أهل السماوات وأهل الأرض. ومن هذا الباب ما يرويه النبي عن ربه قال: (يقول الله أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه)، فأخبر أن شفتيه تتحرك به أي باسمه. والذي في الحديث قال: " لوجدتني عنده "، ولم يقل: " لوجدتني إياه ". وهو " عنده " أي " في قلبه "، والذي في قلبه المثال العلمي. وقال: " فلو أطعمته لوجدت ذلك عندي "، ولم يقل: لوجدتني قد أكلته.

وما في القلوب من المثال العلمي وبمعرفته ومحبته وذكره يطلق عليه ما يطلق على المعروف بنفسه، لعلم الناس أن المراد به المثال العلمي. وما في القلوب من معرفة المعروف ومحبته ليس المراد به نفس المعروف المحبوب. فإذا قال القائل: " أنت والله في قلبي " أو: " في سويداء قلبي "، أو قال له: " والله ما زلت في قلبي " أو: " ما زلت في عيني " ونحو ذلك، علم جميع العقلاء أنه لم يرد ذاته. فإذا رأى الناس مثلا من له عناية فائقة بعالم من العلماء مشهور فينشر علمه ويحيى عمله بين الناس، قالوا: " أصبح الشيخ بكر أبو زيد ابنَ القيم! ". وذلك لعلم المخاطبين بالمراد. ويقول أحدهم لمن مات والده: " أنا والدك "، أي: قائم مقامه. ويقولون للولد القائم مقام أبيه: " من خلف مثلك ما مات ". وإذا رأوا عكرمة مولى ابن عباس الذي معه علمه، يقولون: " جاء ابن عباس "، لأن مولاه نائب عنه وقائم مقامه. وإذا بعث الملك نائبا قائما مقامه، يقولون: " جاء الملك الفلاني "، لأن هذا النائب قائم مقامه مظهر لأمره ونهيه وأحواله.

ـ[الحارث المصري]ــــــــ[22 - 02 - 08, 01:18 ص]ـ

الأخ الفاضل / نضال مشهود

قبل أن أبدأ ردي فإني أشكرك على الرد وعلى أن ضربت صفحا عن حدتي في ردي السابق،

ولقد كان السبب في حدتي قولك بحيدتي عن الجواب، ولذا كان رد فعلي ما قرأت من رد،

تعمدت فيه إبراز خطئك النحوي الذي تصادف وجوده في نفس العبارة المردود عليها،

ولكن هدوء ردك كان مما يثلج الصدر ويشجع على مواصلة الحديث معك بصرف النظر عن صحة الأدلة.

ولكن اللحن لا يقارَن بالتصحيف خصوصا بين الأحرف المتجاورة على اللوحة،

ولا أنوي إبراز اللحن والتصحيف في ردك لكي لا نحرف الموضوع، و أما ما سبق فقد عرفت الداعي إليه.

وأما ما ذكرته من غلط في نقل كلام شيخ الإسلام رحمه الله، فقد قصصته ولصقته من نسخة الشاملة، وليس عندي من نسخ غيرها لأقابل عليها.

وما ذكرته أنت من تصحيح هو أكثر موافقة للغة.

ـ[الحارث المصري]ــــــــ[22 - 02 - 08, 10:44 ص]ـ

أخي الكريم

لقد نقلت كلام ابن تيمية رحمه الله، وخلال نقلك أبرزت عبارات، كأنك تريد أن تقول إنها قيلت تنزلا مع الخصم،

فأبرزت كلمة (وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ)، والمفهوم أن الإشارة راجعة إلى القول بأن القرب الذاتي غير ممكن،

فهل ترى أنه ممكن وأن القول بعدم إمكانه هو قول الخصوم، أي قول المبتدعة؟

أرجو الإجابة مع ملاحظة الفرق بين القرب المطلق والقرب المقيد،

أقول هذا حتى نتجنب كلاما لسنا على خلاف فيه، فهناك فرق بين "قريب" وبين "أقرب من كذا"

فهذا الإبراز للعبارة الذي أتى في غير محله وما جاء بعده لا يصلح إثباتا لزعمك أن هذا من باب مجاراة الخصوم،

فعليك أن تثبت استحالة ما زعمته مستحيلا، وهيهات لك أن تثبت هذا.

ثم ألفت نظرك إلى أنني لم أعدد هذا الكلام من المتشابه بل عددته من المحكم في إثبات التأويل،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير