تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعليك أن تقرأ أسئلتي لتعرف كيف أفكر، فترد على الفكر بفكر،

فالأمر ليس بعلو الصوت ولا بكثرة الكلام، وكان يسعني أن أتوقف حتى ترد على أسئلتي.

ولكنني سأوضح مواطن الخلل في ردك.

قلت: (هذا الحديث لا يحتاج إلى تأويل و أمثال ذلك. فإن نفس ألفاظ الحديث صريحة في أن الله تعالى لم يمرض ولم يجع)

وأقول: أنا لم أسأل عن الحديث ككل بل أسأل عنه جملة جملة،

ففي الحديث:

(إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي)

فقول الله عز وجل (يَا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي)

كلام تام حدث بعده سكوت

فناقش في حدود ما سمع العبد حتى تلك اللحظة

فردك بقولك (فإن نفس ألفاظ الحديث صريحة في أن الله تعالى لم يمرض ولم يجع)، ليس له معنى،

لأنك أولا: تنفي شيئا لا يثبته أحد، فهل سمعت عن مسلم قال: (إن الله يمرض أو يجوع)؟

ولأنك ثانيا: نسبت هذا النفي لألفاظ الحديث، وأنا أسأل عن الكلام حتى لحظة السكت، وليس عن كل الحديث.

فهل تزعم أن الكلام حتى لحظة السكت كان بغير معنى؟

أو هل تزعم أن الكلام حتى لحظة السكت، كان مفهوما للعبد الذي سمعه أن المقصود به مرض عبد الله فلان؟

إن زعمت ذلك فقد جعلت سؤال العبد بغير معنى ورد الله سبحانه بعد ذلك بغير معنى.

وليس لك من مفر إلا بأن تقر بأن هذا الكلام لم يُقصد به ظاهره.

ولكن المراد بالكلام لم يُبيَّن إلا بعد السؤال التعجبي من العبد.

وتقول: (فلم يبق في الحديث لفظ يحتاج إلى تأويل ولا مجاز ولا صرف عن الظاهر ولا يحزنون!)

وأقول لك: كيف ذلك وقد بين آخر الحديث أن ظاهر أوله غير مراد؟

تقول: (وإذا تدبرت هذا الحديث، وجدته قد بين المراد وأزال الشبهة. فمثل هذا لا يقال: " ظاهره أن الله يمرض فيحتاج إلى تأويل ")

أقول: لم أقل إن هذا ظاهر الحديث، بل ظاهر الكلام قبل السكت وقبل رد العبد.

تقول: (لأن اللفظ إذا قرن به ما يبين معناه، كان ذلك هو ظاهره)

أقول: هذا إذا كانت القرينة ضمن السياق الذي يحسن الوقوف عنده.

قلت: (وقد قرن في الحديث بيانه وفسر معناه فلم يبقى في ظاهره ما يدل على باطل، ولا يحتاج إلى معارضة بعقل ولا تأويل يصرف فيه ظاهره إلى باطن لا دليل عليه)

أقول بل العبد الذي سمع الكلام قد أعمل عقله فيه وعلم أن ظاهره غير مراد لأن الله لا يمرض، وهو مع علمه بذلك يعلم أن مراد الله شيئ آخر كان مجهولا له حتى سأل وأجيب

فردُّ العبد بقوله: (يَا رَبِّ كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟)

يبين أنه علم أن الظاهر غير مراد لتناقضه مع ما يعلمه من صفات الكمال لله سبحانه،

والعيادة هي زيارة المريض، فقوله "كيف أعودك"، معناها كيف تمرض فأزورك زيارة المريض،

وقوله (وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟) فيه الواو واو الحال، أي والحال أنك منزَّهٌ عن ذلك لأنك رب العالمين المتصف بصفات الكمال.

قلت: (فلا يجوز لعاقل أن يقول: إن دلالة هذا الحديث مخالفة لعقل ولا لنقل، إلا من يظن أنه قد دل علي جواز المرض والجوع علي الخالق سبحانه وتعالي ـ ومن قال هذا فقد كذب علي الحديث)

وأقول لك؟ هذا من حشو الكلام، فلم يقل بذلك أحد لا من أهل السنة ولا من أهل البدع.

وأرجو أن تكون هادفا في ردودك فلا تتتكلف نفي شيء ليس له قائل.

قلت: (وإذا كان في كلام الله ورسوله كلام مجمل أو ظاهر قد فسر معناه وبينه كلام آخر متصل به أو منفصل عنه، لم يكن في هذا خروج عن كلام الله ورسوله ولا عيب في ذلك ولا نقص)

ماذا تقصد بكلمة "ظاهر" في عبارتك السابقة؟

هل هو ظاهر ومعناه موافق لظاهره؟

فلم افتقر إلى كلام آخر يبين معناه؟

ثم باقي كلامك عن الحديث قد خلا من الفائدة فأنت تنفي مالم يقله أحد وتشرح معنى الحديث والحديث شارح لنفسه لا يحتاج إلى بيان.

قلت: (فإذا قال القائل: " أنت والله في قلبي " أو: " في سويداء قلبي "، أو قال له: " والله ما زلت في قلبي " أو: " ما زلت في عيني " ونحو ذلك، علم جميع العقلاء أنه لم يرد ذاته.)

أقول: أنت تنفي أن ما في الحديث مجاز لمشابهته لما ذكرت من كلام الناس.

ولا ينكر عليك أحدٌ هذه المشابهة، ولكنك لم تثبت شيئا ولم تنفِ شيئا، لأن الأمثلة التي ذكرتها كلها مجاز، وكل ما يقال عن الحديث يقال عنها، فكان عليك أولا أن تثبت أن هذه الأمثلة ليست من المجاز، ليستقيم لك الاحتجاج بها.

ولكننا نستفيد منها شيئا واحدا وهو الله سبحانه أنزل القرآن بلسان عربي مبين، بواسطة رسول يتكلم بلسان العرب، على قوم هذه لغتهم فيفهمونها.

فهذا التشابه ليس دليلا لك وليس دليلا للقائلين بالمجاز.

وأكتفي بهذا وأذكرك بالتركيز في الرد وعدم فتح تفرعات جديدة دون أن نصل إلى نقط اتفاق.

وأن توضح ردك فيما يخص الآية الكريمة من سورة "ق"

وفيما يخص الأسئلة التي أعقبت بها الحديث القدسي.

وتقبل تحياتي.

وأخيرا، أرجو ألا يكون هذا نهاية المطاف، وأنا في انتظار تحقيقك لوعدك السابق حين قلت:

{ولا تقلق. . فمثلي إن شاء الله لا يحيد عن الجواب (تعرف هذا من مشاركاتي). لكن: بحسب الحال والاستعداد}

فأرجو أن تكون في حال جيدة وألا يكون شغلك عنا شيء.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير