تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ونخلص من هذا إلى أن اللغات السامة لم توجد فيها أصوات مركبة على هذا النحو. وأن الضاد العربية التي وصفها القدامى من علماء اللغة وأهل الأداء هي التي كانت في اللغة السامية الأم وبقيت العربية وهي الأم لجميع اللغات السامية، لخصائص تعطيها هذا الحق ـ محتفظة بها، ونزل القرآن الكريم وهي بهذه الصفة، ثم انتقلت إلى ما نسمعه إلى الآن في اللهجات الحديثة في العالم العربي، ولا يصح أن يأخذ باحث لغوي نطق أي قطر عربي للضاد سواء أكانت تنطق فيه بوجه واحد أم أكثر.

وعندما نقول إن اللغة العربية لغة الضاد فإننا (نستحضر تاريخاً سحيقاً ضاع من الوثائق، وبقي في عجينة الألفاظ، وفي معانيها، وفي أصواتها يشهد بأن العربية الفصحى أبعد مدى وأرسخ قدماً في علاقة الإنسان باللسان مما سجله علماؤها) " "

ـــــــــــــــــــــــــــــــ يتبع

العلاقة بين

الضاد والظاء

صوتيًا وتاريخيًا ولهجيًا

(2)

من الملاحظ في تحديد مكان نطق كل من الضاد والظاء ومن وصفهما أنهما متجاوران مخرجاً ومتفقان في صفات الجهر والرخوة والإطباق فبينهما علاقة صوتية قوية تبيح الانتقال من أحدهما إلى الأخر، ومن ثم وقع التبادل بينهما في كلام العرب ولا يزال إلى الآن في هذه المنطقة المعروفة اليوم بالعلم العربي.

يقول الشاعر:

إلى الله أشكو من خليل أودّه ثلاث خصال كلها لي غائض

فقالوا أراد (غائظ) فأبدلوا الظاء ضادا " "

وقد أورد بعض علماء اللغة شواهد وقع فيها هذا التبادل: منها ما روي:

أن رجلاً قال: لعمر (رضي الله عنه) يا أمير المؤمنين أيظحى بضبي؟ قال: وما عليك لو قلت: أيضحى بظبي؟ قال: إنها لغة. قال: انقطع العتاب ولا يضحى بشيء من الوحش " "، وورد أن عمر (رضي الله عنه) ومن حضره عجبوا من قوله، فقال: يا أمير المؤمنين إنها لغة وكسر اللام، فكان عجبهم من كسر لام لغة أشد من قلب الضاد ظاء والظاء ضاداً " "

وهذه الرواية يجب أن تكون في الأصل على أحد نطقين لأحد حيين من العرب:

أول هذين النطقين: أيضحى بظبي، وثانيهما: أيظحى بظبي، أما النطق الثالث الوارد في كلام الرجل فهو مجموع من النطقين السابقين وهو معروف لدى علماء اللغة بتداخل اللغات فقد أخذ من التي تؤثر الظاء على الضاد في أيظحى، وأخذ من التي تؤثر الضاد على الظاء في بضبي، فجمع بين لغتين في كلامه. والعرب (تختلف أحوالها في تلقي الواحد منهم لغة غيرة: فمنهم من يخف ويسرع قبول ما يسمعه ومنهم من يستعصم ويقيم على لغته البته، ومنهم من إذا طال تكرر لغة غيره عليه لصقت به ووجدت في كلامه) " "

ومن ثم عجب عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومن معه من نطق هذا الرجل لأنهم ممن يقيمون على لغتهم لا يفارقونها.

ويذكر الدكتور إبراهيم أنيس (أن النطق القديم للضاد كان إحدى خصائص لهجة قريش) " " وقبل أن نحكم بصحة هذا الكلام أو عدم صحته يجب أن نستعرض نصوصاً من مظانها المختلفة لنصل من خلالها إلى الرأي الذي نراه:

الأرض والأرظ

وردت الكلمة بوجهين عن العرب هما الضاد، والظاء مع اتفاق المعنى: يقول ابن السيد البطليوس: (والأرظ والأرض قوائم الدابة والأشهر فيها الضاد) "" " وجاء في اللسان: (والأرض سفلة البعير والدابة وما ولي الأرض منه يقال بعير شديد الأرض، إذا كان شديد القوائم. والأرض أسفل قوائم الدابة. وأنشد لحميد يصف فرساً:

ولم يقلب أرضها البيطار

وقال سويد بن كراع:

فركبناها على مجهولها بصلاب الأرض فيهن شجع

وقال خفاف:

إذا ما استحمت أرضه من سمائه جرى وهو مودوع وواعد مصدق " "

والبيت الأول لحميد بن ـثور الهلالي من بني عامر بن صعصعة " " وهم يعودون إلى قيس " ".

وسويد بن كراع ـ قائل البيت الثاني ـ من عكل " "، وبنو عكل بن عوف بن عبد مناه بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر " "

وخفاف قائل البيت الأخير ـ هو خفاف ابن عمير بن الحارث بن الشريد السلمي " " المعروف بخفاف بن ندبة، وبنو سليم يعودون إلى قيس " " وكل من طابخة وقيس ينتهي إلى مضر " ".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير