تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[علوم القرءان و حظها من التحقيق]

ـ[محمد رشيد]ــــــــ[18 - 10 - 03, 09:05 ص]ـ

السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته، أما بعد فهذا هاجس كان يطرأ على رأسي كثيرا منذ بدأت في دراسة علوم القرءان، و بدأ هذا الهاجس في التحول إلى تأكّد و يقين كلما درست و قرأت أكثر، ألا و هو أن علوم القرءان، أو المسائل المشكلة في علوم القرءان لم تحظ بالعناية الفائقة التي تستحقها من التحقيق و التدقيق و البحث، بخلاف علم الأصول على سبيل المثال، فأقرأ في كتب الفروع أو الأصول أو المصطلح أجد التحقيق الذي ما بعده تحقيق، و لكن أقرأ في كتب علوم القرءان، فأجد أن كثيرا من أهل علم هذا الفن ـ و هذا مما أعجب منه ـ تلقى المسألة تقليدا لسابقيه و لو أنه نظر أقل نظر للمحقق أو حتى فكّر أو طرأ على باله أن ينظر في صحة ما يعتقد، و الذي جعلني أوسّع اطلاعي في مسائل علوم القرءان ـ رغم ميلي الشديد للأصول و الفروع ـ هو أني في معهد للقرءان، و يعطوننا كتيبات صغيرة في خلاصات لعلوم القرءان من تاريخ مصحف و رسم و ما إلى ذلك، وأقرأ في هذه الكتيبات فأجد أن المؤلف من شيوخ القراءات و من رؤساء المعاهد، ثم يقول على سبيل المثال بأن الأحرف السبعة هي اللغات السبع، و ينتصر لذلك، و لو أنه أبدى تحقيقا لكان في الأمر كلام آخر، و لكنّي ما قرأت لمؤلف ينتصر إلى هذا القول ـ أي القول بأن المراد هي اللغات السبع ـ وقد أبدى أي تحقيق لهذا القول، و ماظني ـ و الله أعلم ـ أن ذلك إلا لعدم وجود تحقيق يقوى على ترجيحها، فبمجرد أن يبدأ في التحقيق يجد أن القرءان يحوي أكثر من لغة مخالفة للغة قريش، و لهذا قلت في البداية بأنه لم يفكر مجرد تفكير في التحقيق، لأنه لم يفكر أصلا فيما يقرأ من القرءان، و هو يعلم أنه يقرأ بلغات غير لغة قريش، ثم كيف يفكر عثمان من عند نفسه في محو أحرف متواترة من القرءان؟!!!!! هذا الشيخ أو ذاك الذي ألف الكتاب نراه يكاد يفترس من تكلم في تواتر القراءات الثلاث ـ أبي جعفر و يعقوب و خلف ـ و قد اختلف في تواترها، ثم يسوّغ لعقله أن يتصور حرق عثمان لستة أحرف كاملة من القرءان و كل الحجة في ذلك (أن الناس اختلفوا)

و هو لو قال له أحدهم أن الناس اختلفوا في القراءات الثلاث، و أن القرية الفلانية أنكر أهلها القراءة بهذه القراءات و نشب فيها صراع و صارت فتنة لقال بلهجة مصرية غاضبة (ما يتخنقوا ولاّ يتحرقوا بجاز و هو احنا هنغيّر في القرءان عشان خاطر عيونهم؟!!)

و دون إطالة فمرادي واضح

و أنا فقط أضرب مثالا على هذا الهاجس الذي بدأت أتيقنه، و لكن ناسب قبل ذلك أن أسأل أهل التخصص / هل بالفعل تفتقر المسائل المشكلة في علوم القرءات إلى تحقيق؟

إذا كان الأمر كذلك فأنا مستبشر خيرا بأن هذا العصر سيشهد انتفاضة للتحقيق في علوم القرءان، لما أراه من التحقيق لكثير من المعاصرين في علوم القرءان من الدارسين في الجامعات و المدرسين، فتحقيق الدكتور الطيار في مسألة الأحرف السبعة لم أقرأ مثله لأحد ممن كتبوا فيها ـ إلا الزرقاني ـ رغم كون من قرأ لهم هم من الأكابر في علم القراءات

بالمناسبة / هل نقول بأن مسألة الأحرف السبعة لا تخص دارس القراءات؟

حيث إنني قلت: هؤلاء القوم، فعمدت إلى البعض من متخصصي القراءات و أردت أن أفتح النقاش في هذه المسألة، و لكني لا ألبث أن أجده من أجهل الناس بالتحقيق في المسألة أو بأقوال العلماء فيها، بل أجد منهم ترديدا لما تلقوه، (القراءات العشرة كلها متواترة طبعا) (طبعا فقد صح سندها و وافقت الرسم و وافقت وجه في اللغة)

و أنا أعرف ذلك و لمن قصدي من النقاش معه هو مناقشة الخلاف الجوهري بين الأقوال، أي الخلاف في ضابط التواتر، و لكني أجده ـ رغم كونه حاملا للقراءات ـ لا يدري أكثر مما في الكتيبات شيئا.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير