تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

رابعاً: أنت تقرر هنا أحد مسلكي الأشاعرة وهو التفويض الذي يزعم كثير منهم أنه مذهب السلف وشتان بين المذهبين فالسلف يفوضون الكيفية والحقيقة والكنه بينما يفسرون المعنى ويحملونه على كلام العرب فيعتقدون أن اليد هي اليد الحقيقية والوجه هو الوجه المعروف عند العرب والاستواء هو الاستواء الذي يعرفه العرب وهو العلو والارتفاع والصعود ثم يفوضون كيفية هذه الصفات وحقيقتها مع تنزيه الله عز وجل عن مماثلة المخلوقين فيثبتون له هذه الصفات على حقيقتها المعروفة من لغة العرب لكنها صفات تليق بذاته عز وجل وكما يثبتون له ذاتاً حقيقية لا تماثل ذوات المخلوقين فهم يثبتون له يدين وعينين ووجهاً وأصابع وضحكاً وفرحاً وغضباً ونزولا واستواء يليق به سبحانه لا تماثل صفات المخلوقين ويدل على هذا الفهم لمنهج السلف الآثار الكثيرة عنهم التي يفسرون بها الآيات والأحاديث تفسيراً مجملاً ومفصلاً ويبوبون لذلك في مصنفاتهم ويردون على المؤولة، وهذا الفهم هو الذي قرره الأئمة المقتدى بهم عند ظهور الطوائف المبتدعة من معطلة وممثلة كسفيان الثوري والأوزاعي وابن المبارك والحمادين وأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وأتباعهم من الأئمة المشهورين.

وليس هذا المذهب مما ابتدعه شيخ الإسلام ابن تيمية _ رحمه الله _ بل هذا معتقد السلف وأهل السنة والجماعة فابن تيمية تبع لهم وإنما يقول هذا أحد شخصين:

- إما رجل صاحب هوى يكابر ويرد الحق يعلم ما يقرره شيخ الإسلام ابن تيمية واطلع على كتبه.

- وإما رجل جاهل مقلد يسمع كلام من كان من القسم الأول ولم يقرأ كتب ابن تيمية _ رحمه الله _ ولم يطلع عليها ولو اطلع عليها لعلم أنه لم يأت بقول مبتدع بل هو ناقل لمن سبقه من أهل السنة مدافع عنه عقيدة السف معتمداً في ذلك على ما أثر عنهم وما نقل من نصوص ومستنداً إلى كتب أهل السنة المنقولة بالإسناد.

وإني أرجو منك أخي الكريم أن تنظر نظر منصف في كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلاميذه وتقرأ فيها ولا تعتمد على نقول خصومه وأعدائه.

كما أنصحك بقراءة كتاب (موقف ابن تيمية من الأشاعرة) للشيخ الدكتور عبد الرحمن المحمود حفظه الله، وكتاب (موقف المتكلمين من الاستدلال بنصوص الكتاب والسنة) للشيخ الدكتور سليمان الغصن حفظه الله، وكتاب (مذهب أهل التفويض في نصوص الصفات) للشيخ الدكتور أحمد القاضي حفظه الله.

وحبذا أن تقرأها وتطلع عليها قبل الخوض في هذه المسائل لأنه يظهر لي أنك لم تقرأ إلا في كتب الأشاعرة والمفوضة منهم خاصة وإذا كان الأمر مرتبطاً بعقيدة المرء فينبغي للمرء أن يصدق في تتبع الحق ويحسن النية في ذلك ولذلك رجع شيخ الأشاعرة أبو الحسن الأشعري _ رحمه الله _ في آخر أمره وأعلن أنه على معتقد أحمد بن حنبل وألف ثلاثة كتب في ذلك وهي الإبانة ومقالات الإسلاميين ورسالة إلى أهل الثغر وكثير من الأشاعرة ينكرون ذلك مكابرةً فالمرء يقرأ ويطلع ويبحث في المؤلفات لا سيما مؤلفات المتقدمين من السلف حتى يوفقه الله للمنهج الحق.

وأما مسألة الاستواء فأجعلها منفصلة إن شاء الله حتى لا يطول الرد.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير