تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[حسن التفهم و الدرك لمسألة الترك]

ـ[العبدلي]ــــــــ[20 - 08 - 07, 03:03 م]ـ

السلام عليكم

وقعت مؤخرا على دراسة أصولية بعنوان الثابت و المتغير عند الإمام الشاطبي لصاحبها محمد عاشور تطرق فيها إلى النظرة المقاصدية في الحكم على الأمور عند الشاطبي رحمه الله.

و من بين مباحث الكتاب مبحث في حكم ما ترك فعله النبي صلى الله عليه و سلم هل يعتبر فاعله مبتدعا. وجاء في ذلك بمختلف مذاهب العلماء.

و عند تطرق المؤلف حفظه الله إلى مذهب القائلين بأن ما تركه النبي صلى الله عليه و سلم فعله مباح ذكر كلاما لعبد الله بن الصديق الغماري من رسالة له عنوانها

حسن التفهم و الدرك لمسألة الترك.

و بعد و قت غير طويل وجدت الرسالة على شبكة الانترنت و عند قراءتها ارتأيت أن أعلق على ما جاء به المؤلف رحمه الله في آخرها.

ثم ارتأيت نشره هنا للمناقشة و الإثراء و الله من وراء القصد و هو الهادي إلى سبيل الرشاد.

إزالة اشتباه:

قسم العلماء ترك النبي صلى الله عليه وآله وسلم لشيء ما ,على نوعين:

نوع لم يوجد ما يقتضيه في عهده ثم حدث له مقتضى بعده صلّى الله عليه وآله وسلم فهذا جائز على الأصل.

وقسم تركه النبي صلّى الله عليه وآله وسلم مع وجود المقتضى لفعله في عهده, وهذا الترك يقتضي منع المتروك, لأنه لو كان فيه مصلحة شرعيّة لفعله النبي صلّى الله عليه وآله وسلم, فحيث لم يفعله دل على أنه لا يجوز.

ومثل ابن تيمية لذلك بالأذان لصلاة العيدين الذي أحدثه بعض الأمراء وقال في تقريره:فمثل هذا الفعل تركه النبي صلّى الله عليه وآله وسلم مع وجود ما يعتقد مقتضياً له مما يمكن أن يستدل به من ابتدعه, لكونه ذكراً لله ودعاء للخلق إلى عبادة الله وبالقياس على أذان الجمعة.

فلما أمر الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم بالأذان للجمعة, وصلّى العيدين بلا أذان ولا إقامة, دل تركه على أن ترك الأذان هو السنّة, فليس لأحد أن يزيد في ذلك .... الخ كلامه.

وذهب إلى هذا أيضاً الشاطبي وابن حجر الهيتمي وغيرهما, وقد اشتبهت عليهم هذه المسألة بمسألة السكوت في مقام البيان. صحيح أن الأذان في العيدين بدعة غير مشروعة, لا لأن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم تركه ولكن لأنه صلّى الله عليه وآله وسلم بيّن في الحديث ما يعمل في العيدين ولم يذكر الأذان فدل سكوته على أنه غير مشروع.

والقاعدة: أن السكوت في مقام البيان يفيد الحصر. وإلى هذه القاعدة تشير الأحاديث التي نهت عن السؤال ساعة البيان.

قال المقري: هنا هدم كل ما بناه فكان كمن نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا و ذلك لأن قوله السكوت في مقام البيان يفيد الحصر يرد على ما قاله من أن كل عبادة أو كل قربة تركها النبي عليه السلام فجائز التعبد و تقرب بها إلى الله عز و جل و قد قال تعالى عن نبيه "و أنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم"فالنبي عليه السلام منذ أن بعث و هو في مقام بيان. فسكوته إذا عن الاحتفال بالمولد و عن الاحتفال بليلة الاسراء و عدم تخصيصه لهما و لغيرهما من الأيام بأفعال مخصوصة يستلزم بدعية هذه الأعمال. و هكذا أيضا ما حاول الغماري تشريعه من استغاثة بغير الله و إن كانت الأدلة على حرمة هذا الأخير أي الاستغاثة بل و كونها شركا مخرجا من الملة يثبتها نهيه عز و جل في كتابه و نهي نبيه في السنة الصحيحة و وعيدهما لفاعل ذلك. ولكن الغماري حاول إيهام قراء رسالته بأنه لا دليل للمانعين -و منهم شيخ الإسلام ناصر السنة و قامع البدعة ابن تيمية رحمه الله –إلا ترك السلف الصالح للاستغاثة.

و هكذا فإن الذين حاولوا تجويز الاحتفال المبتدع بالمولد باعتمادهم على بعض الأحاديث التي لا يصح لهم الاستدلال بها كصومه يوم الاثنين كانوا أحسن حالا من الغماري. فهم على الأقل تشبثوا بخيوط العنكبوت أما هو رحمه الله فلم يأتي بشيء كسراب بقيعة يحسبه الضمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا.

نعم الترك في العاديات لا يفيد سوى الإباحة أما في العبادات فالأصل المنع والترك مع قيام المقتضى و عدم وجود المانع يفيد الحرمة و الله أعلم.

روى البزار عن ابي الدرداء قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم:

((ما أحل الله في كتابه فهو حلال وما حرم فهو حرام وما سكت عنه فهو عفو فاقبلوا من الله عافيته فإن الله لم يكن لينسى شيئاً ثم تلا ((وما كان ربك نسيّاً)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير