والعقل يدل على ذلك: أ - فإن المرء قد يؤمر بالزكاة ولا مال له بشرط أن يصير له مال ويؤمر بالحج ولا قدرة له بشرط ان يكون قادراً فكذا المعدوم يؤمر بشرط أن يوجد على وجه يصح تكليفه.
ب - وكذا الوصية لمن لم يوجد حال الوصية يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (وأما خطاب من لم يوجد بشرط وجوده فإن الموصي قد يوصي بأشياء ويقول أنا آمر الوصي بعد موتي أن يعمل كذا ويعمل كذا فإذا بلغ ولدي فلان يكون هو الوصي وأنا آمره بكذا وكذا بل يقف وقفا يبقى سنين ويأمر الناظر الذي يخلفه بعد بأشياء ... ) منهاج السنة النبوية (3/ 367)
وهنا سؤال:
لماذا ذهب المعتزلة إلى هذا القول؟ أي ما سبب الخلاف في المسألة؟
سبب الخلاف في المسألة ذكره الجويني في البرهان (1/ 274) وهو يعود إلى مذهب المعتزلة في كلام الله حيث يرون أنه حادث وليس أزلياً؛ إذ لو كان أزلياً لكان أمراً ولو كان أمراً لتعلق بالمخاطب في عدمه.
وفراراً من هذا الأمر ذهب بعض الأصوليين من الأشاعرة كالقرافي إلى استبدال لفظة (خطاب الله) بلفظة بلفظة (كلام الله) ليشمل الكلام القديم الأزلي الذي هو نفسي عند الأشاعرة والكلام الحادث _ الذي هو اللفظي اللساني الذي هو عبارة عن كلام الله عندهم _ عند وجود المكلفين بحجة أن المخاطبة تكون بين طرفين والمعدوم غير موجود عند الكلام القديم.
وقد حصل مثل ذلك التفصيل عند الأشاعرة في تعريفهم الأمر والنهي اصطلاحاً.
وليعلم أن القاضي عبد الجبار المعتزلي خالف جمهور المعتزلة في ذلك فقال: يجوز أن يوجه الأمر للمعدوم لكن لا يسميه خطاباً وإنما يسميه أمراً معللا ذلك بأن الخطاب مفاعلة تحتاج إلى جواب من المخاطب وهو هنا غير موجود. ينظر المغني للقاضي عبد الجبار (17/ 117)
وقد وافق القاضي عبد الجبار على قوله هذا الغزالي في المستصفى (1/ 85) الآمدي في الإحكام (1/ 202)
ينظر في مسألة تكليف المعدوم: أصول الجصاص (الفصول في الأصول) (1/ 323) أصول السرخسي (1/ 66) تيسير التحرير (2/ 131، 239) فواتح الرحموت (1/ 147) المستصفى (1/ 85) المنخول (ص 124) الوصول إلى الأصول لابن برهان (1/ 176) جمع الجوامع بشرح المحلي (1/ 78) نهاية السول (1/ 165) شرح تنقيح الفصول (ص 145 - 148) نفائس الأصول (4/ 1681) العضد على ابن الحاجب (2/ 15) بيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب (1/ 439) العدة لأبي يعلى (1/ 292) التمهيد (1/ 352) مجموع فتاوى ابن تيمية (8/ 182) المسودة (ص 94) شرح الكوكب المنير (1/ 513)
ـ[أبو حزم فيصل الجزائري]ــــــــ[22 - 10 - 07, 12:02 ص]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل.
و بارك الله في علمك و عملك.