تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المتون والمختصرات قبل الشروح والمطولات. تجد أن باحثا متخصصا له باع في هذا العلم، يذكر في كتاب له أكثر من عشر صفحات في تعريف الواجب فقط!! عشر صفحات؟!! ففي كم صفحة إذن، يناقش دلالة العام والأمر، أو الاستحسان والإجماع أو نسخ الكتاب بالسنة. وأنا أعتقد أن كل من نظر في كتب الأصول لا سبيل له في رد هذه القضية أو التشكيك فيها. (تأصيل الظاهرة)

والأدهى أن هناك كتباً لم تؤلَف في الأصل إلا للمناصرة لا غير، كالآيات البينات الذي سبق ذكره، وإن تعجب فاعجب من الكتاب التالي، وهو بعنوان: "الردود والنقود" للبابرتي الحنفي (ت786هـ) يقول في مقدمته - بعد ذكر أهمية علم الأصول-: (وأصحابنا- بحمد الله - السابقون منهم هم السابقون في حلبات تدوينه وتسطيره، واللاحقون منهم هم الحائزون لقصبات سبقه في تحريره وتقريره.

وغيرهم إنما يتبع آثار أقدامهم، وجمع ما سقط من ألسنة أقلامهم .. )؟!! ثم عدّد جماعة من الأصوليين غير الأحناف، فقال: (أجادوا بما فعلوا، وأفادوا بما نقلوا، لكنهم أخذوا يرمون أصحابنا، والمرمي حيث ذهبوا وعالوا، فما وجدوا من تأويلاتهم الصحيحة القريبة استبعدوها، ولو وجدوها بعيدة لاستبطلوها، وتابعهم في ذلك شرّاحهم، فامتلأت من مُدَامِ الملام أقداحهم.!!!

وها أنا قد كشفت عن ساعدي نقد "للمختصر" - أي ابن الحاجب - يُنبِّه الفطن على ما غفلوا من ماجد الأصحاب، وتعسفوا فتركوا إلى القشر ما هو محض اللباب، فمن رزق الفطنة الوقادة عرفها ومن اتبع الفاعة والعادة فعن الحقائق صرفها)!!!

هذا المثال يلخِّص لك ما آلت إليه كتب الأصول، وبعدها عن الهدف المقصود، والغاية المنشودة، وهي بلا شك متفاوتة في البعد والقرب. وهذا غيض من فيض في بيان ضرر التقليد.

(من نتائج التقليد) وقد يظهر أثره جليّا في النقاط التالية:

(أ) عدم الخروج على السائد والمألوف وإن تبيّن أن الدليل بخلافه.

(ب) العجلة في النتائج.

هذا الأثر والذي قبله من أزمات البحث العلمي المعاصر، فقد ابتلينا جميعا بعدم الخروج على السائد والمألوف، والعجلة في النتائج، والأحكام الصارمة، وهذا داء عام ومتفشٍ في كافة الصعد العلمية والفكرية على حد سواء.

(امتداد الظاهرة) وقد يساعد في تكريس هذا الداء أحياناً الرسائل الجامعية، متى كانت الرسالة بِيَدِ طالب لا همّ له سوى الشهادة فحسب، فينتج عن هذا، العجلة في البحث، ونقل الأقوال ورصفها كما هي بدون تعليق أو تحرير، هذا إن لم تحال إلى آخر لا ناقة له فيها ولا جمل، ولا فرق في هذا بين البحوث وتحقيق المخطوطات.

تنبيه:

تحقيق المخطوطات الأصولية، وإخراج التراث لا عيب فيه، إذا كان من عالم بأصول التحقيق، ولا سيّما إذا كان للكتاب قيمة ولم ير النور بعد، أو طبع طبعة قديمة دون عناية، وإنما العيب أن تكون المخطوطات معبرا وسلماً لكل أحد، فضابط الكل التأليف والتحقيق: الإضافة الجديدة.

ج) عدم الرجوع إلى أصول هذا العلم، أو إلى من أصّل قواعده، فمثلاً: بعض الباحثين يكتفي بنقل كلام الأئمة من كتب الأصول المتأخرة، ولا يكلّف نفسه الرجوع إلى المصادر الأصلية، أو الرجوع في أقل الأحوال إلى كتب الأصول المتقدمة، فالشافعي كتبه موجودة، لماذا لا يرجع إليها مباشرة؟ وقد ثبت أن كتب الأصول تنقل عنه خطأ في بعض الأحيان. وقد تنقل عنه بحسب الفهم. وهكذا بقية الأئمة. ومن لم يكن له كتب، له تلامذة باشروا الأخذ عنه. والرجوع إليهم أولى، ثم الناقلون عنهم من الأصوليين.

د) التحري والتثبت من نسبة الأقوال إلى قائليها خاصة الأئمة منهم. وهذا بيّن من العنصر الذي قبله. وأؤكد أن إشاعة ثقافة النقد البناء في الأوساط العلمية وقبوله والاحتفاء به يفتح باب التصحيح والمراجعة في العلوم الإسلامية، ويساعد في نبذ التقليد وظهور التجديد.

الخامسة: ضرورة التجديد في أصول الفقه.

من المعلوم أن هذا الموضوع له حساسية مفرطة لدى بعض الباحثين، مما يجعلهم يرفضون كل ما يتسم بالتجديد جملة وتفصيلا بموجب وبلا موجب.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير