تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الأربعين.

فإن صدق هذا الخبر عقلا متوقف على مضمرمقدرتقديره رفع الإثم أو المؤاخذةلأن الواقع قد دل على وقوع الخطإوالنسيان والاستكراه من هذه الأمة ورفع الواقع محال.

وقد يُقال إن المقتضي هنا دل على حذفهالعقل والشرع معا،فإن صدق هذا الخبر متوقف شرعا على إضمار هذا المحذوفلإجماع أهل العلم أنه لا يسقط الضمان في الخطإ والنسيان.

ومثل الناظم -رحمه الله- لدلالة الشرع على المقتضي المحذوف بحديث (لا يقبل الله صلاة بغير طهور) روا مسلم (ح224) عن ابن عمر، فإن الصلاة يمكن أن تقع في الواقع تامة دونأن يسبقها طهور ولكن صدق ذلك شرعا متوقف على تقدير مضمر هو الصحة فلا صلاةصحيحة شرعا إلا بطهور

وقد مثل في التقريب (ص87) للنوعين فقال: (كقوله تعالى: فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق (الشعراء:63) تقديره فضرب فانفلق، ومثلهفمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر (البقرة:185) تقديره إن أفطر في المرض أو السفر).

ويمكن أن يمثل أيضا لدلالة الاقتضاء بما ورد في قوله تعالىفمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك (البقرة:196) تقديره إن حلق رأسه ففدية، لما دل عليه حديث كعب ابن عجرة في صحيحي البخاري (ح1814) ومسلم (ح1201) في سبب نزول الآية.

وقول الناظم: (و برفع عن أمتي) هو بإدغام العين المفتوحة من (رفع) في العين المفتوحة من (عن) وهذا هو الإدغام الكبير وقد قرأ به السوسي، وليس من عادة الناظم في هذا النظم اللجوءإلى الضرورة أو إلى غير الشائع من اللغات بل إن المواضع التي ألجأه النظمفيها إلى خلاف الشائع لا تبلغ خمسة مواضع، وسأنبه على كل منها في موضعه –إن شاء الله-.

ويمكن أن يمثل لدلالة الاقتضاء بقوله تعالىواسأل القرية (يوسف82) لتوقف الصدق عقلا على مقدر محذوف هو (أهل).

قال الناظم رحمه الله:

ومنه ما يكون بالتصريح ... مع قصده ومنه بالتلويح

فأول كمقتضى التحليل ... ومقتضى التحريم في التنزيل

والثان مثل فاقطعوا أو فاجلدوا ... في الفهم للتعليل حيث يرد

ومثله ما جاء في الترغيب ... والمدح أو في الذم والترهيب

وذاك ما يُقصد بالعباره ... .....................

يعني أن الاقتضاء بمعناه اللغوي _وهو أعم من معناه الاصطلاحي نوعان: أحدهما صريح، ومثّل له الناظم بمقتضي التحريم في قوله تعالىحرمت عليكم أمهتكم (النساء:23)، فالمقتضي المحذوف هو النكاح، قوله تعالىحُرمت عليكم الميتة (المائدة:3)، فالمقتضي المحذوف أكلهاوذلك لدلالة العقل على أن الأعيان لا توصفبالحرمة ولا الإباحة وإنما يُنسب ذلك إلى ما يعرض لها وهذا القسم منالاقتضاء مقصود أصالة للمتكلم.

والثاني من نوعي الاقتضاء بمعناه العام اقتضاء غير صريح، هو نوعان أحدهما مقصود للمتكلم أصالة والثاني غير مقصود.

فأما الأول فهو أن يقترن بالحكم وصف مناسبلأن يكون سببا وباعثا ومقتضيا له، بحيث لو لم يُجعل ذلك الوصف علة لذلكالحكم لكان الكلام معيبا عند العقلاء وهذا النوع من الاقتضاء هو المسمىبـ[دلالة الإيماء والتنبيه]، وهو مسلك من مسالك العلة _وسوف نعرض للمزيد منتفصيله في ذلك الموضع من باب القياس، و مثّل له الناظم –رحمه الله- بقوله تعالى: والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما، فقد اقترن بالحكم وهو القطع وصف مناسب لتشريع هذه العقوبة، وهو السرقة فإذا لم تكن السرقة هي مقتضي هذه العقوبة وسببها وعلتها لكان نظام الكلام مختلا.

كما مثل الناظم رحم الله بقوله تعالىوالزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة (النور:1)، فقد اقترن بالحكم هنا وهو الجلد وصفمناسب لتشريع الحكم وهو الزنا فإذا لم يكنالزنا هو مقتضي الحكم وباعثه وعلته كان الكلام معيبا عند العقلاء وهذايُصان عنه كلام آحاد الناس فما بالك بكلام رب الناس، ومن هذا النوع ما سيقفي كلام الشارع من الذم في مقام الترهيب والمدح في مقام الترغيب كقولهتعالىإن الأبرار لفي نعيم (الانفطار:13) فقد اقترن الحكم وهو التنعم في الجنة بوصف مناسب هو البر فلو لم يكن دخولهم الجنة بسبب برهم لكان الكلام مختلا معيبا ونظير ذلك في الترهيب قوله تعالىوإن الفجار لفي جحيمأي لفجورهم.

قال الناظم:

..................... ... وغير مقصود هو الإشارة

مثل أقل الحمل مع دليله ... وأكثر الحيض على تفصيله

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير