ثم أورد الناظم رحمه الله النوع الثاني منالاقتضاء غير الصريح بمفهومه العام وهو أن يفهم من لازم لفظ ما حكم دون أنيكون اللفظ سيق أصالة للدلالة على ذلك الحكم وسماه مفهوم الإشارة،ومثل لهبمثالين:
الأول/دلالة قوله تعالىوحمله وفصاله ثلاثون شهرا (الأحقاف:15)، بضميمة قوله تعالىوفصاله في عامين (لقمان:14)، على أن أقل الحمل ستة أشهر فإن أيا من النصين لم يسق أصالة للدلالة على ذلك وإن دلا عليه بمجموعها لزوما قال في الإبهاج (1/ 293): (ومن أنواع هذه الدلالة أن يرد النص دالاعلى ثبوت الحكم لشيئين والآخر على ثبوت بعض ذلك الحكم لأحدهما على التعيينفيتعين الباقي للآخر).
والثاني/دلالة ما نُسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: (تجلس إحداكن شطر عمرها لا تُصلي) على أن أكثر الحيض خمسة عشر يوما، وهذا المثال قد تتابع كثير من أئمة الأصولعلى التمثيل به وهو غير سديد من جهة الثبوت ومن جهة الدلالة فالحديث بهذااللفظ المدلول به على هذه الدعوى قد اتفق الحفاظ على كونه لا أصل له وممننص على ذلك السخاوي في المقاصد (ص197) وابن حجر في التلخيص (1/ 162) والنووي في (المجموع والخلاصة) وزاد أنه باطل، وقال البيهقي و ابن مندهأنه لا أصل له. حكاه ابن دقيق العيد في الإمام عنهما كما في التلخيص (1/ 162).
وأما من جهة الدلالة فإنه يدخل في عدادالعمر فترة الصبا واليأس فضلا عن كون الشطر ليست نصا في النصف فقد قال فيالقاموس شطر الشئ بعضه (انظر مسلم الثبوت (1/ 414))،وقال الرهوني في شرح مختصر ابن الحاجب (3/ 323): (والحديث لم يرد بهذا اللفظ ولفظه عند مسلم تمكث الليالي لا تصلي، فلا يكون مثالا لدلالة الإشارة).
ومثل كثير من الأصوليين لهذه الدلالة (دلالة الإشارة) بدلالة قوله تعالىفالآن باشروهن ... إلى قوله ... حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسودعلى أن الصائم إذا أصبح جنبا لم يفسد صومه بذلك، لأن إباحة الآية للجماع فيآخر جزء من الليل يلزم منه بالضرورة أن يُصبح جنبا وقد حُكي هذا الاستنباطمن الآية عن الإمام محمد ابن كعب القرظي -رحمه الله- (انظر شرح السيوطي للكوكب الساطع (1/ 212)) والتحبير للمرداوي (ص2870)، وعد صاحب البحر المحيط دلالة الآية من قبيلمفهوم الموافقة وفيه نظر لأن دلالة المفهوم مقصودة أصالة وهذه الدلالة غيرمقصودة أصالة فافترقا، وانظر (مسلم الثبوت (1/ 407).
ويمكن أن يُمثل لها أيضا بدلالة قول النبيصلى الله عليه وسلم لعروة ابن مضرس الطائي: (من صلى هذه الصلاة معنا وقدوقف قبل ذلك بعرفة ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه) أبو داود (ح1950) والترمذي وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي (ح3041) على عدم ركنية المبيت بمزدلفة لأن الذي يقف بعرفة في آخر جزء من الليل لا يُدرك المبيت بالمزدلفة.
وانظر أمثلة أخرى لدلالة الإشارة في (مسلم الثبوت (1/ 407)).
تنبيه: شرح الشيخ محمد يحي الولاتي قول الناظم: (ومنه ما يكون بالتصريح ... ) على أساس أن الضمير راجع للاقتضاء فيوهمأن الاقتضاء بمعناه الاصطلاحي ينقسم إلى: صريح وغير صريح، وأن غير الصريحينقسم إلى: دلالة إيماء ودلالة إشارة، ولم أر من الأصوليين من قسم هذاالتقسيم ولم يجعل أحد منهم دلالة الإيماء والتنبيه قسما من الاقتضاءبمعناه الخاص.
وقد وفق الشارح (اباه) في شرحه عندما قال (ص42): (أي ومن الاقتضاء ما يكون بالتصريح بالمقتضي، وهو العلة التي بمعنى العلامة)، وخلاصة ما يريد الناظم أن دلالة اللفظ على المعنى قسمان:
1/دلالة عبارة وهي مقصودة للمتكلم
2/ودلالة إشارة وهي غير مقصودة للمتكلم أصالة
وتنقسم دلالة العبارة إلى أنواع:
1/فإن كان فيها إضمار دل عليه العقل أو الشرعفهو دلالة اقتضاء، وتُسمى: [لحن الخطاب] عند الناظم وعامة المالكية خلا ابنالحاجب ومن تبعه.
2/و إن لم يكن ثم إضمار، و اقترن الحكم بوصف مناسب لإناطة الحكمبه فدلالة الإيماء والتنبيه (وانظر مسلم الثبوت (1/ 414))، قال في نشر البنود (1/ 289): (وإذاتقرر هذا فالفرق بين المفهوم ودلالة الإشارة مصاحبة القصد الأصلي لهدونها، والفرق بينه وبين دلالة الاقتضاء توقف الصدق أو الصحة على إضمارفيها دونه،والفرق بينه وبين دلالة التنبيه كونها مفهومة في محل تناولهاللفظ نطقا دونه فاندفعإشكال التفتازاني الفرق بين غير الصريح من المنطوق والمفهوم).
ـ[مهنَّد المعتبي]ــــــــ[08 - 12 - 07, 05:38 م]ـ
أكملْ، رُزْقتَ الكمال.
ـ[أبو عبد البر الجزائري]ــــــــ[29 - 12 - 07, 10:14 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[ابو سجا]ــــــــ[02 - 02 - 08, 09:33 م]ـ
اخي البوني جزاك الله خيرا
لو جمعت كل الحلقات كمشاركات في رابط واحد .. افضل من تجزئتها وتشتيتها في حلقات على روابط متعددة ومتناثرة!
جُزيت الجنة اخي البوني واضم صوتي لأخي العامري
ـ[أحمد بن آل عبيد]ــــــــ[25 - 02 - 09, 11:03 م]ـ
فضيلة الشيخ البوني ماذا عن الشرح الصوتي؟؟؟؟
فهو غير موجود كاملا على الشذرات
جزاك الله خيرا ...
نحتاجه عاجلا
وضروريييييا
¥