تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

طالعاً ومناراً لامعاً وعلماً ظاهراً ولا يقدم بهذا الفن إلاَّ من له باع في العربية عالم بالقراءات عالم بالتفسير عالم باللغة التي نزل القرآن بها على خير خلقه مزيل الغمة بعثه به بشيراً ونذيراً إلى خير أمة شهد به كتابه المبين على لسان رسوله الصادق الأمين جعله كتاباً فارقاً بين الشك واليقين أعجز الفصحاء معارضته وأعيا الألباب مناقضته وأخرس البلغاء مشاكلته جعل أمثاله عبراً للمتدبرين وأوامره هدى للمستبصرين ضرب فيه الأمثال وفريق فيه بين الحرام والحلال وكرر القصص والمواعظ بألفاظ لا تمل وهي مما سواها أعظم وأجل ولا تخلق على كثرة الترديد بل بكثرة تلاوتها حسناً وحلاوة تزيد قد حثنا على فهم معانيه وبيان أغراضه ومبانيه فليس المراد حفظ مبناه بل فهم قارئه معناه قال تعالى أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها فقد ذم الله اليهود حيث يقرؤون التوراة من غير فهم فقال ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلاَّ أمانيّ فعلى العاقل الأديب والفطن اللبيب أن يربأ بنفسه عن هذه المنزلة الدنية ويأخذ بالرتبة السنية فيقف على أهم العلوم وآكدها المتوقف عليها فهم الكتاب والسنة وهي بعد تجويد ألفاظه خمسة علم العربية والصرف والمعاني والبيان.

(فوائد مهمة تحتاج إلى صرف الهمة)

(الأولى) في ذكر الأئمة الذين اشتهر عنهم هذا الفن وهو فن جليل (قال) عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما لقد عشنا برهة من دهرنا وإن أحدنا ليؤتي الإيمان قبل القرآن وتنزل السورة على محمد صلى الله عليه وسلم فنتعلم حلالها وحرامها وما ينبغي أن يوقف عنده منها كما تتعلمون أنتم اليوم القرآن ولقد رأينا اليوم رجالاً يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ما يدري ما آمره ولا زاجرة ولا ما ينبغي أن يوقف عنده وكل حرف منه ينادي أنا رسول الله إليك لتعمل بي وتتعظ بمواعظي قال النحاس فهذا يدل على أنهم كانوا يتعلمون الوقوف كما يتعلمون القرآن حتى قال بعضهم إن معرفته تظهر مذهب أهل السنة من مذهب المعتزلة كما لو وقف على قوله وربك يخلق ما يشاء ويختار فالوقف على يختار هو مذهب أهل السنة لنفي اختيار الخلق لاختيار الحق فليس لأحد أن يختار بل الخيرة لله تعالى أخرج هذا الأثر البيهقي في سننه وقال علي كرم الله وجهه في قوله تعالى ورتل القرآن ترتيلاً الترتيل تجويد الحروف ومعرفة الوقوف وقال ابن الأنباري من تمام معرفة القرآن معرفة الوقف والابتداء إذ لا يتأتى لأحد معرفة معاني القرآن إلاَّ بمعرفة الفواصل فهذا أدل دليل على وجوب تعلمه وتعليمه وحكي أن عبد الله بن عمر قد قام على حفظ سورة البقرة ثمان سنين وعند تمامها نحر بدنة أخرجه مالك في الموطأ وقول الصحابي كذا له حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم أي ولم يخالفه غيره ولم يكن للرأي فيه مجال وهذا لا دخل للرأي فيه فلو خالفه غيره أو كان للرأي فيه مجال لا يكون قوله حجة (واشتهر هذا الفن) عن جماعة من الخلف وهم نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم المدني القارئ وعن صاحبه يعقوب بن إسحاق الحضرميّ البصريّ وعن أبي حاتم السجستاني وعن محمد بن عيسى وعن أحمد بن موسى وعن علي بن حمزة الكسائي وعن الفراء الكوفيين وعن الأخفش سعيد وعن أبي عبيدة معمر بن المثنى وعن محمد بن يزيد والقتبيّ والدينوريّ وعن أبي محمد الحسن بن علي العماني وعن أبي عمرو عثمان الداني وعن أبي جعفر محمد بن طيفور السجاوندي وعن أبي جعفر يزيد بن القعقاع أحد أعيان التابعين وغيرهم من الأئمة الأعلام والجهابذة العظام فكان أحدهم آخذاً بزمام التحقيق والتدقيق وتضرب إليه أكباد الإبل من كل مكان سحيق.

أولئك آبائي فجئني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامع

وما حكاه ابن برهان عن أبي يوسف صاحب أبي حنيفة من أن تسمية الوقوف بالتام والحسن والقبيح بدعة ومتعمد الوقف على ذلك مبتدع قال لأن القرآن معجز وهو كالقطعة الواحدة فكله قرآن وبعضه قرآن فليس على ما ينبغي وضعف قوله غني عن البيان بما تقدم عن العلماء الأعلام ويبعده قول أهل هذا الفن الوقف على رؤوس الآي سنة متبعة والخير كله في الإتباع والشر كله في الابتداع ومما يبين ضعفه ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى الخطيب لما قال من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما ووقف فقال له النبي صلى الله عليه وسلم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير