تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فهذا النوع من النهي لا يقتضي البطلان عند جمهور أهل العلم لأن جهة المشروعية تخالف جهة النهي ولا تلازم بينهما، فيبقى المنهي عنه صحيحا تترتب عليه آثاره المقصودة، إلا أن فاعله يلحقه الإثم، قال الآمدي:" ولا نعرف خلافا في أن ما نهي عنه لغيره أنه لا يفسد، كالنهي عن البيع في وقت النداء يوم الجمعة، إلا ما نقل عن مذهب مالك وأحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه" [150] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn150).

وقد احتج الجمهور بإجماع السلف، فإنهم ما أمروا الظلمة بقضاء الصلاة المؤداة في الدور المغصوبة مع كثرة وقوعها، ولا نهوا الظالمين عن الصلاة في الأرض المغصوبة، إذ لو أمروا به ونهوا عنها لانتشر [151] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn151). ثم إن المنهي عنه غير الصلاة، وهو الإقامة في المكان المغصوب، فالنهي متعلق بما ليس بوصف للصلاة وهو شغل المكان، وهذا أمر منفك عن الصلاة، لكنه لما كان مجاورا لها ثبتت فيها الكراهة دون الفساد.

4 - خاتمة:

يقول أبو الحسين البصري في كتابه المعتمد:" إن الاستدلال بالأدلة يختلف بحسب تجردها عن قرينة، وبحسب اقتران القرائن بها، والخطاب من الأدلة .... والقرائن قد تعدل بالخطاب عن ظاهره، وقد تكون مكملة لظاهره [152] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn152) ... والشرط في الاستدلال بخطاب الله أن نعلم ما يفيده الخطاب بمجرده، وما يفيده مع قرينة، وأن الله تعالى لا يجرد خطابا يفيد في المواضعة شيئا ما، إلا وقد علم أن فائدته على ما أفاده الخطاب إما بمجرده وإما مع قرينة" [153] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn153).

يوضح هذا القول وكل ما سبق ذكره وتحريره أهمية السياق والقرائن في تحديد مراد الشرع وصولا إلى صحة الاستدلال بخطابه في استنباط الأحكام، وتنزيلها على الواقع تنزيلا صحيحا يحقق مقاصد الشرع، فكما قال ابن القيم:" إن شريعة الله كاملة، مطابقة للعقل والحق والعدل، فإذا ظهرت أمارات الحق وقامت أدلته وأسفر صبحه بأي طريق كان، فذلك من شرع الله ودينه، والله تعالى لم يحصر طرق العدل وأدلته وأماراته في نوع واحد، ولكن بين أن مقصوده إقامة الحق والعدل بأي طريق كان ".

ومن ثم كاناعتبار القرائن التي تعين على فهم النصوص وفقهها موازيا في الاعتبار لفقه مقاصد الشريعة ومآلات الأحكام، إذ بدون إدراك للأمارات والقرائن التي نصبها الشرع دليلا على مراده وبدون إدراك لواقع التطبيق من تقدير الزمان والمكان وأحوال الناس وأعرافهم، سوف يستمر العبث بالنصوص الشرعية ولوعن حسن نية، فالفقيه ليس من يحفظ النصوص، بل من له قدرة جليلة على الكشف عن معانيها، وإدراك مقاصدها واستنباط فوائدها والجمع بين مختلفها، بما يخدم النصوص الشرعية ويحقق مصالح المكلفين، فهو الموقع عن رب العالمين.

[1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftnref1) ـ إعلام الموقعين1/ 218

[2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftnref2) ـ إعلام الموقعين3/ 62

[3] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftnref3) ـ الصواعق المرسلة 2/ 637

[4] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftnref4) ـ2/ 87

[5] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftnref5) ـ الخصائص1/ 215

[6] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftnref6) ـ ينظر مقدمة حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع1/ 89

[7] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftnref7) ـ ينظر أصول السرخسي1/ 193 و كشف الأسرار3/ 124

[8] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftnref8) ـ الموافقات3/ 413

[9] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftnref9) ـ سورة الكهف الآية 29

[10] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftnref10) ـ ينظر أصول السرخسي1/ 193 وكشف الأسرار3/ 141 وشرح التلويح على التوضيح1/ 342و346

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير