تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

منها أن الرجل إذا أمر امرأته لا تأتمر بالأمر وإذا نهاها لاتنتهي أو تخرج بدون إذنه أو تسترجل عليه فإذا أمر أولاده بأمر جاءت وحرضت أولاده عليه فهي تعصيه وتنشز عليه وتتمرد عليه، ولربما تسترجل حتى إنها تعتقد أنه لا فرق بينها وبين الرجل وهذا مقام لعن الله عز وجل من بلغه كما في الحديث الصحيح أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لعن المسترجلات من النساء، فالمرأة إذا استرجلت وتعالت على الرجل اسخطته وإذا سخط زوجها عليها فسدت الحياة الزوجية وتنكد العيش، ولذلك يضيع ذلك البيت وتضيع الأسرة فلا يمكن أن تكون السعادة في بيت إلاَّ إذا كانت المرأة سامعة مطيعة محبة لزوجها وبعلها، وأما إذا تمردت عليه وخرجت عن أمره وضيعت له حقه فإن الفتن والمصائب والشرور تعظم على الزوج وعلى الزوجة وعلى الذرية، ومن هنا ورد هذا الوعيد الشديد للمرأة التي يسخط عليها زوجها وليتأمل المسلم هل هناك رجلٌ يحب زوجته ويرتاح إلى زوجه وفراشه وسكنه يعيش مع حِبّه ومعها على حياة طيبة كريمة هل يسخط عليها إذا لم يكن هناك سببٌ قوي للسخط، ولذلك عبر الخبر بالسخط والسخط من أقصى درجات النفرة من الشيء وكراهية الشيء ممكن أن الإنسان يغضب ممكن أن الإنسان ينفر ممكن أن الإنسان يكره؛ ولكن السخط فوق هذا كله، ولذلك إذا حصل السخط فإن الإنسان لا يهنأ عيشه حتى إنه إذا سخط الشيء لربما كره المكان الذي هو فيه فإذا كانت المرأة في بيتها وسخطها سخط ذلك البيت معه، وإذا أحب المرأة أحبها وأحب المكان التي هي فيه، ولذلك أمور جبلت عليها الفطرة

وما حب الديار شغفن قلبي *************** ولكن حب من سكنى الديارا

فالنفوس إذا نفرت وسخطت من الشيء بلغت غاية البعد عنه، والكراهية له فكيف يرتاح ولي الله المؤمن في بيت فيه امرأة تعصيه إن أمر وتفعل ما نهاها عنه، وإذا أمرها بالشيء فعلت الأفعال التي توجب مقته وكراهيته قالوا: من ذلك إذا أمرها أن تغير وجهها أو تفعل ما يأمرها به بطريقة فيها تهكم واستخفاف فكل هذه الأمور يتراكم بعضها على بعض ظلمات بعضها على بعض تبوء المرأة بإثمها-والعياذ بالله- وهذا كله خلاف السنة وخلاف هدي الكتاب العزيز الذي أمر الله فيه كلاً من الزوجين أن يعاشر الآخر بالمعروف وأن يتقيا الله- U- في العهد الذي بينهما.

ففي هذا الحديث وعيد شديد لمن أمَّ قوماً وهم له كارهون وللمرأة التي سخط عليها-والعياذ بالله- زوجها، فإذا تعدت المرأة وامتنعت من فراش زوجها لعنتها الملائكة-والعياذ بالله- حتى تصبح ((فأيما امرأة دعاها زوجها إلى فراشه فأبت وامتنعت من غير عذر فإنه-والعياذ بالله- تبيت والملائكة تلعنها))، وفي رواية ((كان الذي في السماء عليها غضباناً حتى تصبح)) وهذا وعيد شديد أخذ العلماء-رحمهم الله- من هذا اللفظ ومن لفظ الحديث الذي سيأتي بعد ذلك دليلاً على أن هاتين الفعلتين تعتبران كبيرة من كبائر الذنوب، فالمرأة التي يسخط عليها زوجها ويكون سخطه عليه بحق لا بباطل كما ذكرنا والرجل الذي يؤم قوماً وهم له كارهون وتكون الكراهة شرعية فإن كلا الفعلين يعتبر كبيرة من الكبائر؛ لأن ضابط الكبيرة ينطبق عليهما، وضابط الكبيرة كل قول أو فعلٍ أو اعتقاد وصف أو سمي في الكتاب أو السنة بكونه كبيرة أو وردت عليه عقوبة في الدنيا أو عقوبة في الآخرة أو وعيد في الآخرة بنفي نظر أو نفي إيمان ونحو ذلك فإنه يعتبر كبيرة من كبائر الذنوب وهذا أصل قرره العلماء-رحمهم الله- والأصل فيه عن حبر الأمة وترجمان القرآن عبدالله بن عباس، واختاره جمع من المحققين وهو رواية عن الإمام أحمد-رحمة الله على الجميع-.

قال المصنف-رحمه الله-: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ حَدَّثَنَا أَبُو غَالِبٍ قَال سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ((ثَلاَثَةٌ لاَ تُجَاوِزُ صَلاَتُهُمْ آذَانَهُمُ الْعَبْدُ الآبِقُ حَتَّى يَرْجِعَ وَامْرَأَةٌ بَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ وَإِمَامُ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير