تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قَالَ أَبو عِيسَى-رحمه الله-: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَأَبُو غَالِبٍ اسْمُهُ حَزَوَّرٌ.

الشرح:

هذا الحديث حديث أبي أمامة الباهلي صدى بن عجلان- t وأرضاه- فيه الوعيد الشديد مناسبته للباب أنه اشتمل على إمامة القوم وهم له كارهون وهي الخصلة الثالثة التي بينها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في الحديث وأن هؤلاء الثلاثة لاتجاوز صلاتهم آذانهم هذا التعبير قال بعض العلماء المراد به: أن صلاته لا تقبل-والعياذ بالله-، ومنهم من قال: إن صلاته كأنها لم تقع أي: أنه بمجرد أن يفعلها فيكون العهد بفعلها، فوجودها وعدمها على حد سواء-نسأل الله السلامة والعافية- ولاشك أن أي قول أو عمل إذا لم يتقبله الله فلا قيمة لذلك القول والعمل، ولذلك أعظم ما يحمل الإنسان همه بعد فعل الطاعة وقولها أن يتقبلها الله عز وجل، ومن هنا بين النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أن عمل هؤلاء لايرفع.

وفي قوله: ((لاتجاوز صلاتهم آذانهم)): لأن الصلاة ترفع إلى السماء وفي الحديث الصحيح أنها ترفع وعليها نور فتفتح لها أبواب السماء إذا أتم العبد ركوعها وسجودها فتنتهي إلى ما شاء الله أن تنتهي إليه ثم تشفع لصاحبها وتقول حفظك الله كما حفظتني، وأما إذا ضيعها وضيع ركوعها وسجودها وأخلَّ بها صعدت إلى السماء وعليها ظلمة وأغلقت دونها أبواب السماء ثم رجعت إلى صاحبها فلفت كما يلف الثوب الخلق ثم ضرب بها وجه صاحبها ثم قالت: ضعيك الله كما ضيعتني، ولذلك تجد من لا يحافظ على حقوق الصلاة أموره ضائعة وهمه مشتت وأمره مضيع؛ لأنه لم يحفظ حق الله عز وجل فإذا كانت صلاته لا ترفع فهذا وعيد شديد فالعبد ليس له إلا الصلة بينه وبين الله عز وجل، ومن حُرم الصلاة وحُرم قبول الصلاة فإنه على خطر عظيم تحل به النكبات، وتضيق به النوائب والملمات فلا يجد مفزغاً ولا مهرباً؛ لأن الصلاة حرز من الله للعبد حتى إن الله عز وجل جعلها من مفاتيح الفرج فقال-جل وعلا-: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ} ولو أن عبداً فتح الله عليه في الصلوات فأكثر من النوافل والطاعات فإنه لا يضيق عليه كرب أبداً؛ لأن الله يوسع عليه ضيق الكروب بالصلاة فهي من أعظم الوسائل ومن أعظم النعم التي ينعم الله بها على عبده فإذا حرم القبول-نسأل الله السلامة والعافية- ولم ترفع له صلاته فإنه على خطر عظيم وبلاء كبير وبين-عليه الصلاة والسلام- أن صلاتهم لا تجاوز آذانهم وهذا يدل على أن الصلاة ترفع كما قال-تعالى-: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} فالعبد المحبوب من الله عز وجل القريب من الله سبحانه وتعالى لا يقول قولاً ولا يعمل عملاً إلا فَتَّح الله أبواب السموات لقوله وعمله {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ} هؤلاء هم أولياء الله وخيرته من خلقه من الصالحين الصفوة المباركة وبين سبحانه وتعالى أن من أسباب القبول أداء حق الله عز وجل وأداء حقوق عباده، ولذلك ذكر في سبب قبول العمل أن العبد الصالح قال: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ} فبين أنه شكر نعمة الله وقام بحق العباد في أقرب الناس إليه وهما والداه فهؤلاء هم الذين يتقبل منهم وهذا العبد الآبق ضيع حق الله عز وجل الذي أمره بطاعة سيده وضيع حق سيده ومولاه، ولذلك حرم من القبول، ومن هنا قال بعض العلماء: من أعظم الأسباب التي يتقبل الله بها أعمال العباد وأقوالهم أداء الحقوق إلى أهلها فالشخص إذا وجدته يحاسب نفسه في حقوق الله وحقوق العباد ويؤديها كاملة ويبعد عن المظالم وهضم الناس حقوقهم حري به أن يكون مقبولاً وذكر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في هذا الحديث ضرباً يدل على ذلك في العبد الآبق؛ لأنه ضيع حقوق من أمره الله عز وجل بأداء حقه العبد الآبق هو الشارد أبق العبد إذا فر عن سيده ومولاه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير