تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الوصف الثالث أن يجل العالم؛ لأن بعض المستفتين يأتي بعبارة فيها فضاضة أو في وقت غير مناسب، أو أنه لا يصبر على العالم ونحو ذلك، فينبغي له أن يجل العالم أولا في صيغة السؤال.

وهنا نَقْل يقول الخطيب أيضا في الفقيه والمتفقه ما نصه: لا ينبغي للمستفتي إذا سأل المفتي أن يقول له ما يقول صاحبك، أو ما تحفظ في كذا؟ بل يقول ما تقول أيها الفقيه أو ما الفتوى في كذا.

يعني هذا من باب الأدب معه؛ لأن المفتي نفس بشرية، فأحيانا تكون صيغة السؤال غير جيدة، فلا ينشط لإعطاء الجواب كما ينبغي بما ينفع السائل، تعطي كلمات وجيزة السائل لا يستوعبها ويبني عليها ويكون مخطئا، وهنا ينبغي للمفتي أن يتأنى وأن يصبر على وعر الناس، وكذلك المستفتي ينبغي له أن يُجل العالم وأن يصبر عليه وأن يستفتي بأناة وهدوء.

من صفات المستفتي أن المستفتي لا يلزم أن يسأل على الدليل، بعض الناس ظن أن المستفتي يجب عليه أن يسأل على الدليل ويقول إن الدليل على ذلك قول الله جل وعلا ?فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ (43) بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ? [النحل:44] فيقول اسألوهم بالبينات والزبر، وهذا تفسير مخالف لما عليه المفسرون، فإن المفسرون جعلوا الجار والمجرور في قوله ?بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ? أن هذا راجع إلى أول الآية في تأييد كل نبي أوحى الله إليه بالبينات والزب. أما السؤال فإنما يلزم أن يسأل فإذا أجابه المفتي العالم بجواب يلزمه أن يأخذ به بطون أن يسأله عن الدليل.

وإذا نظرنا في المدونة للإمام مالك بن أنس أسئلة لمالك وأجوبة رجل كذا تجد أن أكثرها بل جلها بلا دليل.

مسائل الإمام أحمد تجد أن أكثرها أو جلها بلا دليل والمسائل المنقولة المعروفة عن أهل العلم أكثرها بلا دليل.

بهذا نقول إن المفتي يذكر الدليل هذا من باب الأفضلية إذا نشط لذلك وكان المستفتي يعي، أما إذا كان المستفتي لا يعي فإنه لا يذكر له الدليل.

الوصف الخامس ألا يكون للمستفتي غرض أو هوى في استفتائه، وإنما غرضه بيان الحق وزوال الجهل والشبهة ليلتزمه المستفتي ويبني عليه، هذه مسألة عظيمة في الناس، فإن الناس يستفتون عن أشياء لهم غرض فيها؛ بل قد قيل إن السائل الواحد يتصل بسبعة ثمانية عنده أرقام المشايخ يتصل بهذا وهذا وهذا في نفس المسألة، وإذا أحرجته في السؤال قال أما سألت فلان وقال لي كذا، أولا أشغلت المشايخ والوقت قصير والواجبات كثيرة جدا جدا جدا أكثر من الأوقات، والآن الواحد يستغفر الله جل وعلا عن ضعف الوقت لأداء الواجب.

الثاني فالذي ينبغي لك أن تجتهد في البحث عن الأعلم والأفقه وتسأله ويلزمك أن تأخذ الفتوى عنه، أما أن تسأل سبعة ثمانية فهذا لا ينبغي في ذلك.

ولهذا أقول ينبغي للذين يجيبون عن الأسئلة في الإفتاء في الاستفتاءات أن يأخذوا الحيطة والحذر، فكثير من المستفتين يسجّل الكلام، وربما يكون المفتي أو يكون المجيب على السؤال ربما يكون في حال لا يحب أن يجيب عليها، أو ربما يكون ما تثبت من المسألة وظن أنها لن تتعدى هذا، وضعف ورعه أن يقول لا أدري، فتسجل عليه كما سمعت من تسجيلٍ على بعض طلبة العلم سجِّل له بكلام غلط بالاتفاق وغلط فيه وزل فيه خالف فيه لكن ذاك سجل سينقلها، حينئذ يقع الزلة والزلة.

ومن واجب المستفتي ولا يحل له أن يسجل كلام عالم دون إذنه لأن كلام العالم هذا في تسجيله ينبني عليه ما دونه غرق الأساس هذه تبعة للدبين وللمستقبل فكل من أراد أن يسجل فليخبر المفتي أو من سأل أنا أريد أن أسجل الفتوى، فإن أذن وإلا فلا يجوز له أن يخدعه؛ لأن المفتي ينظر إلى أن هذا الجواب لواحد لكن إذا سجل صار لمئات.

وأنا اختبرت بعض الناس في ذلك فكان الأكثرون يقولون نعم عندنا تسجيل، وخاصة في الأزمة التي مرت أزمة الخليج وما تبعها، فكان أكثر من يتصل يكون معه تسجيل، أسأله معك تسجيل يقول نعم، ليش ما أخيرت؟ وهل المصلحة ضرب الأمة بعها ببعض وتكثير الأقوال؟ تكثير الفتاوى؟ لا، المصلحة في الائتلاف والاجتماع، والفرقة هي نصيب الشيطان من هذه الأمة.

الحقيقة المسائل كثيرة ومتعددة من المسائل هذه المسألة التاسعة

مراتب الفتوى

مراتب الفتوى فيها مباحث الفتوى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير