تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[غاية الإيجاز في الرد على من نفى وجود المجاز]

ـ[ربيع أحمد السلفي]ــــــــ[15 - 02 - 08, 02:50 م]ـ

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه، أما بعد: فإن الباعث على كتابة هذه الكلمة الرد على من نفى المجاز بأسلوب مختصر فإن هذا الموضوع من الأهمية بمكان وغالب من كتب فيه من أهل الكلام الذين أولوا صفات الرحيم الرحمن فالله المستعان وعليه التكلان.

ـ[ربيع أحمد السلفي]ــــــــ[15 - 02 - 08, 02:51 م]ـ

فصل مفهوم الحقيقة والمجاز:

اللفظ في اللغة العربية قد يستعمل فيما وضع له في اللغة فلا يحتاج لدليل لكي يفهم معناه، وهذا يسميه غالب علماء اللغة حقيقة، وقد يستعمل اللفظ في غير ما وضع له في اللغة لعلاقة بين اللفظ والمعنى المراد، فيحتاج هذا اللفظ لدليل يدل على معناه وهذا يسميه غالب علماء اللغة مجاز لذلك فالحقيقة هي ما سبق إلى الفهم من معنى اللفظ دون الحاجة لدليل (قرينة)،والمجاز هو ما لا يسبق إلى الفهم من معنى اللفظ إلا بوجود دليل فقولك رأيت الرجل يتكلم حقيقة فمن الطبيعي أن يتكلم الإنسان، و الرجل إنسان أما قولك رأيت القمر يتكلم فيستحيل أن يكون هذا الكلام على الحقيقة؛ لأن الكلام من صفات البشر والقمر ليس بشراً إذاً هذا مجاز شبه الإنسان بالقمر لوجود علاقة بينه وبين القمر وهي الجمال، وقولك على شخص أنه شجاع فهذا حقيقة أما قولك على شخص أنه أسد فهذا مجاز لاستحالة أن يكون الشخص أسداً فالأسد حيوان أما هذا الشخص فإنسان أي أنك شبهت هذا الشخص بالأسد لوجود علاقة بينه وبين الأسد، وهي الشجاعة.

ـ[ربيع أحمد السلفي]ــــــــ[15 - 02 - 08, 02:52 م]ـ

فصل أدلة ثبوت المجاز:

إن أدلة ثبوت المجاز كثيرة ومنها العمل عمل العرب بمقتضى المجاز فالعرب كانوا يفهمون المعنى الموضوع للفظ في اللغة عند إطلاقه، ويفهمون المعنى غير الموضوع للفظ في اللغة عند تقييده فالعرب استعملت بعض الألفاظ في معنيين عند الإطلاق يفهم المعنى الموضوع لهذه الألفاظ في الأصل، وعند التقييد يفهم المعنى المنقول إلى هذه الألفاظ فكلمة أسد عند الإطلاق يراد بها السبع، وعند نسبتها لإنسان (تقييد) يراد بها الشجاعة، و العرب عند إطلاق كلمة الحمار عند الإطلاق يراد بها البهيمة،وعند نسبتها لإنسان (تقييد) يراد بها الغباء والحماقة،والعرب عند إطلاق كلمة القمر تريد هذا الجرم السماوي، وعندما تنسبه إلى إنسان تريد الجمال والحسن والعرب عند إطلاق الكلب تريد هذا الحيوان المعروف، وعندما تنسبه لإنسان تريد الوقاحة والحقارة،والعرب عند إطلاق كلمة النخلة تريد هذه النخلة المعروفة، وعندما تنسبها لإنسان تريد الطول،ولو كان المعنيان قد وضعا في الأصل معاً للفظ لما سبق إلى الفهم أحد المعنيين دون الحاجة لدليل (القرينة)، ومن أدلة وجود المجاز ذكر بعض علماء القرون الثلاثة الأول المجاز كأبي عبيدة معمر بن المثني 114 هـ - 210 هـ عالم لغة له كتاب مجاز القرآن [1] وله كتاب المجاز [2]، ومن العلماء الذين ذكروا المجاز الخليل الفراهيدي 100هـ -174 هـ قال في كتابه الجمل في النحو: (وكذلك يلزمون الشيء الفعل ولا فعل وإنما هذا على المجاز كقول الله جل وعز في البقرة ?فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ ? [3] والتجارة لا تربح فلما كان الربح فيها نسب الفعل إليها ومثله: ?جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ ? [4] ولا إرادة للجدار) [5]، ولأبي العباس أحمد بن يحيى المشهور بثعلب النحوي المتوفى سنة 291هـ كتاب قواعد الشعر أكثر من ذكر الاستعارة فيه والاستعارة ضرب من المجاز،وقال ابن السراج النحوي المتوفى 316 هـ في كتابه الأصول في النحو: (وجائز أن تقول لا قام زيد ولا قعد عمرو تريد الدعاء عليه وهذا مجاز) [6]، وقال أبو العباس المبرد في كتابه المقتضب: (وقد يجوز أن تقول أعطي زيدا درهم وكسي زيدا ثوب لما كان الدرهم والثوب مفعولين كزيد جاز أن تقيمهما مقام الفاعل وتنصب زيداً؛ لأنه مفعول فهذا مجاز) [7] ومن الفقهاء الذين ذكروا المجاز في كتبهم محمد بن الحسن الشيباني 132 هـ - 189 هـ حيث قال في كتابه الجامع الصغير: (فالحاصل أن أبا يوسف أبى الجمع بين النذر واليمين؛ لأن هذا الكلام للنذر حقيقة ولليمين مجاز والحقيقة مع المجاز لا يجتمعان تحت كلمة واحدة فإن نواهما فالحقيقة أولى بالاعتبار؛ لأن الحقيقة معتبر في موضعه والمجاز معتبر في موضعه) [8]، ومن علماء الحديث الذين ذكروا المجاز في كتبهم ابن قتيبة حيث قال ابن قتيبة: (والنبات لا يجوز أن يكون شراباً، وإن كان صاحبه يستغني مع أكله عن شرب الماء إلا على وجه من المجاز ضعيف، وهو أن يكون صاحبه لا يشرب الماء فيقال إن ذلك شرابه؛ لأنه يقوم مقام شرابه فيجوز أن يكون قال هذا إن كانت الجن لا تشرب شراباً أصلاً) [9] ومن هنا ندرك أن المجاز ثابت في كتب الفقه واللغة والحديث في القرون الثلاثة الأول فهذا دليل على وجود المجاز.

[1]- انظر الفهرست لمحمد بن إسحاق النديم ص79 دار المعرفة 1398 هـ

[2]- انظر كتاب كشف الظنون لمصطفى الرومي الحنفي 2/ 1456 دار الكتب العلمية 1413 هـ

[3]- البقرة من الآية 16

[4]- الكهف من الآية 77

[5]- الجمل في النحو للفراهيدي ص73 حققه الدكتور فخر الدين قباوة سنة النشر 1416 هـ

[6]- الأصول في النحو لابن السراج 1/ 400 مؤسسة الرسالة 1408 هـ الطبعة الثالثة تحقيق الدكتور عبد الحسين الفتلي

[7]- المقتضب للمبرد 4/ 51 عالم الكتب بيروت تحقيق محمد عبد الخالق عظيمة

[8]- الجامع الصغير لابن الحسن الشيباني ص 142عالم الكتب بيروت 1406 هـ

[9]- غريب الحديث لابن قتيبة 1/ 272 مطبعة العاني بغداد 1397 هـ تحقيق الدكتور عبد الله الجبوري

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير