الْغَزَالِيّ - وَهُوَ فِي ذَلِكَ تَابِع لِأَبِي طَالِب الْمَكِّيّ فِي " الْقُوت " - قَالَ: يُكْرَه فِي اللِّحْيَة عَشْر خِصَال: خَضْبهَا بِالسَّوَادِ لِغَيْرِ الْجِهَاد، وَبِغَيْرِ السَّوَاد إِيهَامًا لِلصَّلَاحِ لَا لِقَصْدِ الِاتِّبَاع، وَتَبْيِيضهَا اِسْتِعْجَالًا لِلشَّيْخُوخَةِ لِقَصْدِ التَّعَاظُم عَلَى الْأَقْرَان، وَنَتْفهَا إِبْقَاء لِلْمُرُودَةِ وَكَذَا تَحْذِيفهَا وَنَتْف الشَّيْب. وَرَجَّحَ النَّوَوِيّ تَحْرِيمه لِثُبُوتِ الزَّجْر عَنْهُ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا، وَتَصْفِيفهَا طَاقَة طَاقَة تَصَنُّعًا وَمَخِيلَة، وَكَذَا تَرْجِيلهَا وَالتَّعَرُّض لَهَا طُولًا وَعَرْضًا عَلَى مَا فِيهِ مِنْ اِخْتِلَاف، وَتَرَكَهَا شَعِثَة إِيهَامًا لِلزُّهْدِ، وَالنَّظَر إِلَيْهَا إِعْجَابًا، وَزَادَ النَّوَوِيّ: وَعَقَدَهَا، لِحَدِيثِ رُوَيْفِع رَفَعَهُ " مَنْ عَقَدَ لِحْيَته فَإِنَّ مُحَمَّدًا مِنْهُ بَرِيء " الْحَدِيث أَخْرَجَهُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: قِيلَ الْمُرَاد عَقْدهَا فِي الْحَرْب وَهُوَ مِنْ زِيّ الْأَعَاجِم، وَقِيلَ الْمُرَاد مُعَالَجَة الشَّعْر لِيَنْعَقِد، وَذَلِكَ مِنْ فِعْل أَهْل التَّأْنِيث.
(تَنْبِيه):
أَنْكَرَ اِبْن التِّين ظَاهِر مَا نُقِلَ عَنْ اِبْن عُمَر فَقَالَ: لَيْسَ الْمُرَاد أَنَّهُ كَانَ يَقْتَصِر عَلَى قَدْر الْقَبْضَة مِنْ لِحْيَته، بَلْ كَانَ يُمْسِك عَلَيْهَا فَيُزِيل مَا شَذَّ مِنْهَا، فَيُمْسِك مِنْ أَسْفَل ذَقْنه بِأَصَابِعِهِ الْأَرْبَعَة مُلْتَصِقَة فَيَأْخُذ مَا سَفَلَ عَنْ ذَلِكَ لِيَتَسَاوَى طُول لِحْيَته. قَالَ أَبُو شَامَة: وَقَدْ حَدَّثَ قَوْم يَحْلِقُونَ لِحَاهُمْ، وَهُوَ أَشَدّ مِمَّا نُقِلَ عَنْ الْمَجُوس أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُصُّونَهَا.
وإذا أردنا هنا أن نحقق فقه البخاري في هذه المسألة لابد أن نلاحظ وضعه للأثر بعد الحديث كما سبق:
5442 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ:
"عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ وَفِّرُوا اللِّحَى وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ"
"وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا حَجَّ أَوْ اعْتَمَرَ قَبَضَ عَلَى لِحْيَتِهِ فَمَا فَضَلَ أَخَذَهُ"
فالبخاري كما يظهر يرى أن أثر ابن عمر فيه تخصيص للحديث السابق إذا صح التعبير، ويرى البخاري أن تهذيب اللحية تابع لسنن الفطرة، لكن لماذا أعتقد ذلك؟
لأنه وضع هذا الحديث تحت باب:
(بَاب تَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ.)
والله أعلم وأحكم.
ـ[أبو الأشبال عبدالجبار]ــــــــ[23 - 02 - 08, 10:18 ص]ـ
ملاحظة:
قد ورد عن بعض الصحابة مخلفة الحديث الذي رواه مثل ابي هريرة رضي الله عنه في ولوغ الكلب في الاناء حيث افتى بالغسل ثلاثاً
قد اعترض على هذا التمثيل بأنه تمثيل ضعيف؛ لأن التخصيص فرع العموم، والأعداد نصوص لا تقبل التجوز، فلفظ " سبع مرات " ليست من الألفاظ العامة حتى تكون الثلاثة أحد أفراد السبعة، بل هذا مخالفة محضة للخبر، وبالتالي لا يحسن إيراد مثل هذا المثال هاهنا.
ينظر: الإبهاج، ونهاية السؤل، وحقائق الأصول،للأردبيلي، وإجمال الإصابة،أوأقوال الصحابة ومدى حجيتها عند الأصوليين،وأثرها في اختلاف الفقهاء، لقاسم عبد العزيز ..
ـ[أبو الحارث وهمام]ــــــــ[20 - 04 - 08, 06:12 م]ـ
فعل الصحابي إذا خالف دليلاً من السنة هل يخصص قول النبي صلى الله علي وسلم
أخي الفاضل بقاء النص على عمومه حتى يأتي نص آخر لأنه إذا فتح هذا الباب فسنجد أحاديث كثيرة ترد بسبب مخالفة بعض الصحابة لها، فنحن متعبدون بمتابعة النبي صلى الله عليه وسلم مع احترام أقوال الصحابة رضوان الله عليهم
ـ[أبو الأشبال عبدالجبار]ــــــــ[20 - 04 - 08, 09:15 م]ـ
فعل الصحابي إذا خالف دليلاً من السنة هل يخصص قول النبي صلى الله علي وسلم
اكتب لي مثالا واحدا فقط.
ـ[أبو محمد التميمي]ــــــــ[20 - 04 - 08, 11:09 م]ـ
جاء في المسودة ص127 - 128:
¥