تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

العلماء باختلافها، وما أتوا به في كتبهم، فالحق لا يعرف إلا إذا عُرف الباطل، والفاسد لا يعلم إلا إذا عُلِمَ الصحيح، فبضدها تتميز الأشياء، فنبتة التعصب إنما تنشأ عند من ألِف قولاً واحداً فتربى حتى كهل عليه، لذلك أحسب أن هذا العلم الذي يدرّس في الجامعات والمعاهد فيما يسمى " بالفقه المقارن " أو " الفقه الموازن "، هو من أعظم الفنون أثراً في تنمية ملكة الاحتجاج والاستنباط، وتحليل ما في الكتب ورده إلى الحجج، لاسيما إذا تولى تعليم هذا الفن من يؤمن به، ومن له تمكن من معرفة الصحيح من الفاسد، فهذا كفيل - بإذن الله - على نزع هذه النبتة من جذورها، فيستقر في قلب الطالب حب جميع العلماء، فيعرفهم حينئذ بالحق، ولا يعرف الحق بهم.

بل ويعجبني فيمن تولى تدريس "فقه المذهب" أن يبيّن بعض المسائل التي خالف فيها أصحاب المذهب إمامهم، فتركوا التعصب واتبعوا الدليل، ولم يستنكفوا من ذلك.

المبحث الرابع

بيان زلاّت العلماء

واستغفر الله تعالى من هذا العنوان، واستعيذ بالله مما استعاذ منه ابن تيمية رحمه الله حين اضطره المقام إلى الخوض في هذه المسألة فقال: "نعوذ بالله سبحانه مما يفضي إلى الوقيعة في أعراض الأئمة، أو انتقاص أحد منهم، أو عدم المعرفة بمقاديرهم وفضلهم، أو محادتهم وترك محبتهم وموالاتهم، ونرجو من الله سبحانه أن نكون ممن يحبهم ويواليهم ويعرف من حقوقهم وفضلهم ما لا يعرفه أكثر الأتباع، وأن يكون نصيبنا من ذلك أوفر نصيب وأعظم حظ، ولا حول ولا قوة إلا بالله" ([38] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn38)).

فالداعي إلى خوض هذه المسألة أن كثيراً من المقلدين، وكذلك المفتين وأهل العلم، يجادلون من ينكر عليهم التوسع في تتبع رخص العلماء من غير ضابط بقولهم: أأنتم أعلم أم الإمام الفلاني؟

وألستم تعرفون فضل هؤلاء الأئمة، ومكانتهم من العلم والفقه والتقوى؟ فما بالنا لا نأخذ برخصهم وأقوالهم؟

وهذه معارضة فاسدة لا تصح، لأن الله لم يجعل العصمة لأحدٍ دون رسوله e، فالرجل الجليل القدر، العظيم المنزلة، قد تقع منه الهفوات والزلاّت، وهذا بشهادة أئمة الدين، وسادات الدنيا فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "ثلاث يهدمن الدين زلة العالم، وجدال المنافق بالقرآن، وأئمة مضلون" ([39] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn39)). وروى عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله: "ويل للأتباع من عثرات العالم. قيل: وكيف ذاك؟ قال: يقول العالم شيئاً برأيه ثم يجد من هو أعلم منه برسول الله ش فيترك قوله ذلك، ثم يمضي الاتباع" ([40] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn40)).

وقد روى عن النبي e في هذا المعنى قوله: "إني أخاف على أمتي من ثلاث: زلة عالم، ومن هوى متبع، ومن حكم جائر" ([41] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn41)).

وليست هناك شهادة بعد هذه الشهادة، فأي معنى للتشبث ببعض المستشنعات التي وردت عن الأئمة، وإفتاء الناس بها، ناهيك عن كثير من المسائل التي يخرِّجها الاتباع على لوازم باطلة لا تصح ([42] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn42))، بل وقد يُنسب للإمام ما لم يقله، كما حدث لأحمد رحمه الله حين نُسب إليه القول أن الغسل

لا يكون إلا من الإنزال، فكان أحمد ينكر ذلك ويقول: ما أحفظ أني قلت به قط، فقيل له: بلغنا أنك تقوله، فقال: الله المستعان، من يكذب عليَّ في هذا أكثر من ذاك ([43] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn43)). ورحم الله الإمام أحمد فما زال الكذب على العلماء، وتقويلهم ما لم يقولوه، باق حتى يومنا هذا.

ثم أليس من أوثق عرى الإسلام النصيحة؟ يقول عليه الصلاة والسلام:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير