تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

"ما ناظرت أحداً إلا قلت اللهم أجر الحق على قلبه ولسانه، فإن كان الحق معي اتبعني، وإن كان الحق معه اتبعته" ([138] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn138)).

ثانياً: أن لا يخالف الإجماع، أو القواعد، أو النص، أو القياس الجلي السالم عن المعارض، فلا يجوز الإفتاء به، ولا نقله للناس بل لو قضى القاضي على خلاف هذه المسائل الأربعة لجاز نقضه فإذا كنا لا نقر حكماً قضى به القاضي، فمن باب أولى أن لا نقره إذا لم يقض به. ولا يعرى مذهب من المذاهب عن هذه المخالفة لكنه قد يقل ويكثر، والأئمة معذورون، مغفور لهم خطؤهم ([139] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn139)).

فإذا لم نُجز نقل أقوالهم والافتاء بها مع علو مكانتهم وسعة علمهم، فمَن دونهم أولى بالتحريم، وأحرى بالإنكار، لاسيما بعد أن دونت المذاهب، وانتشرت الأقوال، وضبطت الأدلة.

وهذا الضابط هو أكثر الضوابط التي يقع فيها الخُلْف من بعض العلماء والدعاة، فكم من مسألة استقرّ العمل بها واستبان الحق فيها، بل وأجمعت الأمة عليها، ثم يغالطون هذا كله بالمخالفة بحجة أن الخلاف لا إنكار فيه.

لا. بل الإنكار هو المتعين، وبيان الحق هو الواجب وتختلف درجات الإنكار باختلاف الأشخاص والأحوال، فإهمال هذا الضابط يفضي إلى تمييع النصوص والاستهانة بالشرع، وفيه ما فيه على ما مرّ بك سابقاً.

ثالثاً: الحذر ثم الحذر من الأغلوطات التي نهى عنها النبي e ([140] (http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn140))، يقول الخطابي: " هي المسائل التي يغالط بها العلماء ليزلوا فيها، فيهيج بذلك شر وفتنة " ([141] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn141))، فكم من فتوى ظاهرها جميل وباطنها مكرو وخداع وظلم، فيسألون عن مسائل خلافية لا لمعرفة الحق، بل لضرب الفتاوى بعضها ببعض، وإظهار العلماء على أنهم فريقان، فريق متشدد متنطع، وآخر سهل لين. وقد تكون الأغلوطة في اختيار وقت الفتوى، فيلقيها على المفتي وهو يعلم ما ستحدثه من ضغائن وأحقاد. ولا تتعجب فهؤلاء يخبؤن فتواهم لهذه الأغراض، وقد رزئت هذه الأمة منذ القدم بأمثالهم، يقول مالك: " قال رجل للشعبي ([142] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn142)): إني خبأت لك مسائل فقال: خبئها لإبليس حتى تلقاه فتسأله عنها " ([143] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn143))، وإذا كان الأمر كذلك، كان الاحتياط والاحتراز هو المتعين، يقول ابن القيم: " ينبغي له - أي للمفتي - أن يكون بصيراً بمكر الناس وخداعهم وأحوالهم، ولا ينبغي له أن يحسن الظن بهم، بل يكون حذراً فطناً فقيهاً بأحوال الناس وأمورهم " ([144] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn144)).

رابعاً: وهذا الضابط يعود إلى دين المفتي وإنصافه، وهو مراعاة مذاهب الدول والبلدان، وما استقر فيها من عمل، إذا كان من الاجتهاد السائغ، فلا يصح أن يأتي من هو خارج عنهم فيشغب على أهلها وعلمائها، بفتاوى تثير البلبلة والتشويش، فعلماء البلد أعلم بأحوال أهلها، وأعرف بما ينفعهم ويضرهم، واستمع إلى ما نقله ابن تيمية في " المسودة ": " حكى عن القاضي أبي يعلى أنه قصده فقيه ليقرأ عليه مذهب أحمد فسأله عن بلده فأخبره، فقال: إن أهل بلدك كلهم يقرأون مذهب الشافعي، فلماذا عدلت أنت عنه إلى مذهبنا؟ فقال له: إنما عدلت عن المذهب رغبة فيك أنت، فقال له: إن هذا لا يصلح، فإنك إذا كنت في بلدك على مذهب أحمد، وباقي أهل البلد على مذهب الشافعي، لم تجد أحداً يعبد معك، ولا يدارسك وكنت خليقاً أن تثير خصومة ونزاعاً، بل كونك على مذهب الشافعي حيث أهل بلدك على مذهبه أولى، ودلّه على الشيخ أبي إسحاق وذهب به إليه، فقال: سمعاً وطاعة، أقدمه على الفقهاء " ([145] ( http://www.fiqhforum.com/articles.aspx?cid=2&acid=147&aid=530#_edn145))، وسياق القصة يغني عن أي تعليق.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير