تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الجواب: أن الرواة غير الصحابة ليس لهم إلا الرواية ولا علم بالقرائن ولا بالسماع بخلاف الصحابي فله مشاهدة هذه القرائن والسماع فلا يتساويان في الحجية لراوي الحديث مطلقاً (4). وكلام إمام الحرمين ينبغي أن يقيد بأن بعض الأئمة لو خالف خبراً رواه وقد عمل به من قبله فإن مخالفته لا تقدح.

ــــــــــــــــــــــــ

(1) ـ البرهان 1/ 443، وانظر البحر المحيط 4/ 370.

(2) ـ عبدالرحيم بن عبدالكريم بن هوازن القشيري، الإمام المفسر الأصولي. مات سنة 514هـ.

(انظر: طبقات الشافعية 4/ 249، سير أعلام النبلاء 19/ 424).

(3) ـ البحر المحيط 4/ 370ـ371.

(4) ـ انظر نهاية السول 3/ 170 حاشية المطيعي.

مثل خبر خيار المجلس رواه مالك وأبوحنيفة رحمهما الله ولم يقولا به. ومثل خبر عائشة في عدد الرضعات المثبتة للتحريم لم يأخذ به مالك مع أنه من رواته.

والإمام أبوحنيفة رحمه الله يروي حديث فاطمة بنت أبي حبيش في المستحاضة ويقول بخلافه (1). والإمام أحمد رحمه الله يروي حديث ابن عمر: (صوموا لرؤيته .. )، ويذهب إلى رأي وتأويل ابن عمر رضي الله عنهما.

ولذلك قال ابن القشيري: (يتجه أن يقال إن الصحابي إذا روى وخالف ما روى قصدا دل على ضعف الحديث لأنهم شاهدوا الوحي وعرفوا من قرائن الأحوال ما لم نعرفه فأما الإمام الآن إذا خالف خبراً رواه وقد عمل به من قبله فهذا الخلاف لا يقدح فيه) (2).

* وفرق الرازي وتبعه الزركشي (3) بين مخالفة الراوي لما رواه وهذه خاصة بالصحابي فقيدوا المخالفة بالصحابي وبين تخصيص العموم بمذهب الراوي وهذه لا تختص بالصحابي بل بالراوي مطلقاً من الصحابي ومن بعده (4).

وقد خص القرافي رحمه الله مسألة تخصيص العموم بالصحابي فقط (5).

أما إذا كان الراوي غير الصحابي فلا يتأتى ذلك فيه (6).

* وذكر ابن السبكي رحمه الله (عن ابن الحاجب تبعاً للآمدي موضوع المسألة في الصحابي يعمل بخلاف ما رواه لا في راوي الخبر مطلقا وهذا ما نصره القرافي وأما الإمام الرازي وغيره فذكروا أن الخلاف في المسألة واقع على الراوي يعمل بخلاف خبره سواء كان صحابيا أم لا إذا كان من الأئمة وهو الصحيح وبه صرح إمام الحرمين) (7).اهـ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ـ انظر البحر المحيط 4/ 370.

(2) ـ البحر المحيط 4/ 371.

(3) ـ محمد بن عبدالله بن بهادر الزركشي الشافعي الفقيه الأصولي المحدث. صاحب البحر المحيط. مات سنة 794هـ. (انظر: الفتح المبين 2/ 217، الأعلام 6/ 2).

(4) ـ انظر المحصول 2/ 1/630، البحر المحيط 3/ 403.

(5) ـ انظر: شرح تنقيح الفصول ص219.

(6) ـ انظر صفحة (114).

(7) ـ رفع الحاجب 1/ 183ـ184.

أقول: إن كلام ابن الحاجب رحمه الله في مسألة تخصيص العموم بقول الصحابي فإنه لا يرى تخصيصه ولو كان صحابيا كما سيأتي بخلاف ما نقله عنه ابن السبكي. وما نقله عن القرافي إنما هو في تخصيص العموم أيضا.

والصحيح عن الرازي وغيره التفريق بين المسألتين كما سبق.

* والذي يترجح عندي ـ والله أعلم ـ هو القول بأن الخلاف في مخالفة الراوي لما روى خاص بالصحابي فقط لأسباب سيأتي ذكرها.

أما مسألة تخصيص العموم فهي من باب أولى أن تكون خاصة بالصحابي كما سيأتي (1).

ولذلك علل القرافي مسألة تخصيص العموم بالصحابي بقوله:

(إذا كان الراوي من غير الصحابة الذين لم يشاهدوا الرسول ـ * ـ كالتابعين وأتباعهم فلا يتأتى ذلك فيه ومذهبه ليس دليلا حتى يخص به كلام صاحب الشرع، والتخصيص بغير دليل لا يجوز إجماعاً) (2).

وقال الحافظ ابن حجر، رحمه الله مجيبا على دعوى أن مالك رحمه الله روى خيار المجلس وخالفه، والراوي إذا عمل بخلاف ما روى دل على وهن المروي عنه.

قال: (وقد خص كثير من محقيقي أهل الأصول الخلاف المشهور فيما إذا عمل الراوي بخلاف ما روى بالصحابة دون من جاء بعدهم) (3).

أقول مما يرجح أن المخالفة خاصة بالصحابة وأن تعميمها إلى ما بعده لا تصلح لأسباب منها:

1 ـ أن الصحابي له فضل الصحبة ومشاهدة الوحي وقد زكاهم رسول الله ـ * ـ فليس لغيرهم مثل ما لهم.

2 ـ أنها سلسلة لا تنتهي

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) ـ انظر صفحة (114).

(2) ـ شرح تنقيح الفصول ص29.

(3) ـ فتح الباري 4/ 330.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير