السؤال: السائل من السودان محمد عثمان أحمد يقول لماذا بعض علماء الأصول يقولون من موانع اعتبار الدليل مفهوم المخالفة ولذلك يقدمون المنطوق من الآيات والأحاديث بالأخذ على المفهوم منها عند التعارض فهل لقاعدتهم هذه نص ينص عليها من الكتاب والسنة أم لا؟ وإذا لم يكن لها نص من الكتاب والسنة فما حكم هؤلاء في الإسلام لأنهم يرفضون بشدة حكم المفهوم من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية إذا تعارض مع المنطوق فمثلاً يرفضون حكم ما تضمنته آية المائدة وهي قوله تعالى (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم) بدعوى إنها مفهوم ويأخذون ما تضمنته آية الأنعام وهو قوله تعالى (فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين) ويحتجون بهذه الآيات ونحوها بتحليل ذبحية كل من في الأرض جميعاً إذا ذكر الله عند ذبح الذبيحة وإن كان الذابح وثنياً أو مرتداً أجيبونا بارك الله فيكم عن هذا الموضوع؟
الجواب
الشيخ: هذه القاعدة التي ذكرها أهل الأصول في أن دلالة المنطوق أقوى من دلالة المفهوم ظاهرة جداً لأن دلالة المنطوق واضحة في محل النطق أما دلالة المفهوم فإن اللفظ يدل عليها لا في محل النطق وما دل عليه اللفظ في محل النطق فإنه أولى ولأن دلالة المفهوم قد تكون غير مرادة وقد تصدق ببعض الصور دون بعض بخلاف دلالة المنطوق فإنها دالة على كل صورها دلالة مطابقة ودلالة تضمن ودلالة إلتزام وأما ما ذكره السائل من التمثيل بآية المائدة مع آية الأنعام فإنه لا ريب أن غير أهل الكتاب لا تحل ذبيحتهم لأن الله تعالى خصص ذلك بقوله (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم) وهذا القيد ليس من باب اللقب كما قاله بعضهم وإنما هو من قيد الوصف إذ أن صلة الموصول بمنزلة الوصف فأنت إذا قلت يعجبني الذي فهم فهو بمنزلة قولك يعجبني الفاهم والفاهم وصف وله مفهوم يعلق به الحكم فطعام الذين أوتوا الكتاب هو كقولك طعام المؤتَيْن الكتاب وهذا وصف وليس لقباً كما ادعاه بعضهم وبناءً على ذلك تكون دلالة المنطوق فيه ظاهرة ودلالة المفهوم فيه ظاهرة لأن الحكم إذا علق على وصف ثبت بوجوده وانتفى بانتفائه فيكون منطوق الآية طعام الذين أوتوا الكتاب حل وطعام غير الذين أوتوا الكتاب ليس بحل وبهذا يكون قوله تعالى (فكلوا مما ذكر اسم الله عليه) أي مما ذبحه من هو أهل للذبح وهو المسلم والكتابي من اليهود والنصارى هذا هو القول الراجح الذي عليه جمهور أهل العلم.
http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_6543.shtml
وللفائدة:
http://www.alukah.net/majles/showthread.php?t=4578
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=124197
ـ[بو شيخة]ــــــــ[23 - 03 - 08, 11:16 ص]ـ
يتقدم المفهوم على المنطوق إذا كانت دلالة المنطوق عامة ودلالة المفهوم خاصة وهذا كثير جدا
وبيانه:
أن جميع مسائل حمل المطلق على المقيد من هذا القبيل، وذلك لأن دلالة المقيد على الحكم جاءت عن طريق المفهوم فقدمت على دلالة المنطوق في المطلق، ومثاله المشهور:
قوله تعالى (فتحرير رقبة مؤمنة) منطوقه: أن تحرير الرقبة المؤمنة مجزئ في الكفارة، ومفهومه: أن تحرير الرقبة الغير مؤمنة غير مجزئ
وقوله تعالى (فتحرير رقبة) منطوقه: تحرير الرقبة المؤمنة والغير مؤمنة يجزئ.
فتعارض مفهوم الآية الأولى مع منطوق الآية الثانية، فقدم العلماء مفهوم الآية الأولى على منطوق الآية الثانية وهو مايسمى بالتقييد
وإنما قدم المفهوم هنا لأنه خاص والمنطوق عام
بارك الله بالجميع
ـ[أبو الأشبال عبدالجبار]ــــــــ[23 - 03 - 08, 06:43 م]ـ
قال الغزالي:
لَوْ قَالَ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} ثُمَّ قَالَ فِيهَا مَرَّةً أُخْرَى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ}، فَيَكُونُ هَذَا اشْتِرَاطًا يُنَزَّلُ عَلَيْهِ الْإِطْلَاقُ، وَهَذَا صَحِيحٌ، وَلَكِنْ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ لَا يَرَى بَيْنَ الْخَاصِّ، وَالْعَامِّ تَقَابُلَ النَّاسِخِ، وَالْمَنْسُوخِ كَمَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الْقَاضِي، وَالْقَاضِي مَعَ مَصِيرِهِ إلَى التَّعَارُضِ نَقَلَ الِاتِّفَاقَ عَنْ الْعُلَمَاءِ عَلَى تَنْزِيلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ عِنْدَ اتِّحَادِ الْحُكْمِ.
أَمَّا إذَا اخْتَلَفَ الْحُكْمُ كَالظِّهَارِ، وَالْقَتْلِ فَقَالَ قَوْمٌ: يُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى دَلِيلٍ، كَمَا لَوْ اتَّحَدَتْ الْوَاقِعَةُ، وَهَذَا تَحَكُّمٌ مَحْضٌ يُخَالِفُ وَضْعَ اللُّغَةِ إذْ لَا يَتَعَرَّضُ الْقَتْلُ لِلظِّهَارِ فَكَيْفَ يُرْفَعُ الْإِطْلَاقُ الَّذِي فِيهِ.