تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[استشكال للشيخ العلامة ابن عثيمين في مقدمة التفسير، أجاب عليه الشيخ صالح آل الشيخ.]

ـ[علي الفضلي]ــــــــ[12 - 03 - 08, 07:08 م]ـ

قال شيخ الإسلام في " مقدمة التفسير ":

[الْخِلَافُ بَيْنَ السَّلَفِ فِي التَّفْسِيرِ قَلِيلٌ، وَخِلَافُهُمْ فِي الْأَحْكَامِ أَكْثَرُ مِنْ خِلَافِهِمْ فِي التَّفْسِيرِ، وَغَالِبُ مَا يَصِحُّ عَنْهُمْ مِنْ الْخِلَافِ يَرْجِعُ إلَى اخْتِلَافِ تَنَوُّعٍ لَا اخْتِلَافِ تَضَادٍّ، وَذَلِكَ صِنْفَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُعَبِّرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَنْ الْمُرَادِ بِعِبَارَةِ غَيْرِ عِبَارَةِ صَاحِبِهِ تَدُلُّ عَلَى مَعْنًى فِي الْمُسَمَّى غَيْرِ الْمَعْنَى الْآخَرِ مَعَ اتِّحَادِ الْمُسَمَّى بِمَنْزِلَةِ الْأَسْمَاءِ الْمُتَكَافِئَةِ الَّتِي بَيْنَ الْمُتَرَادِفَةِ وَالْمُتَبَايِنَةِ. كَمَا قِيلَ فِي اسْمِ السَّيْفِ: الصَّارِمُ وَالْمُهَنَّدُ، وَذَلِكَ مِثْلُ أَسْمَاءِ اللَّهِ الْحُسْنَى وَأَسْمَاءِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَسْمَاءِ الْقُرْآنِ ... ].

قال الشيخ العلامة ابن عثيمين في شرحه على " مقدمة التفسير ":

[قوله: " بِمَنْزِلَةِ الْأَسْمَاءِ الْمُتَكَافِئَةِ الَّتِي بَيْنَ الْمُتَرَادِفَةِ وَالْمُتَبَايِنَةِ ": المتكافئة هنا فيها إشكال، والمترادفة هي الدالة على معنى واحد، والمتباينة هي الدالة على معنيين].

أجاب على ذلك معالي الشيخ صالح آل الشيخ في شرحه لمقدمة التفسير، فقال في الشريط (2):

[ .... فقال: إن الاختلاف في التنوع هذا في منزلة الألفاظ المتكافئة التي هي بين المترادفة والمتباينة.

وعند الأصوليين الألفاظ إما أن تكون متواطئة، أو مشتركة أو مشككة أو مترادفة أو متباينة.

والترادف التام لا يوجد في القرآن ولا في اللغة، أو إنْ وجد عند بعض المحققين من بعض العلم فإنه نادر الترادف التام؛ يعني أن هذا اللفظ يساوي هذا اللفظ من كل جهاته، يساويه في المعنى من كل جهاته، هذا الترادف.

أما التباين: فأن تكون هذه غير تلك لفظا ومعنى؛ بينهما -كما ذكر شيخ الإسلام وهو اختيار له-، وعند طائفة من الأصوليين غير ذلك؛ لأنهم يجعلون الأسماء المتكافئة من المتباينة، ويجعلون المتباينة قسمين؛ لكن نسير على كلامه في أن الألفاظ المتكافئة بين المترادفة والمتباينة، فهي ليست مترادفة، كل لفظ هو الآخر لفظا ومعنى، وليست هي المترادفة لأن اللفظ مع الآخر متساوية في المعنى تاما لا اختلاف فيه، وليست هي المتباينة من أن هذا اللفظ غير ذاك تماما -يعني مع معناه-؛ المعنى مختلف تماما كما أن اللفظ مختلف تماما؛ بل هي بين هذا وهذا؛ يعني هي متكافئة لاشتراك في شيء واختلاف في شيء، في دلالتها على المسمى على الذات هذه واحدة، في دلالتها على أوصاف الذات هذه مختلفة.

مثل ما ذكر من أسماء السيف أنه السيف والصارم والمهند والبتار إلى آخره، هذه أسماء هل هي متباينة؟ على كلامه ليست بمتباينة؛ لأن البتار والصارم والمهند كل هذا معناه السيف، وهل هي مترادفة؟ لا؛ لأن دلالتها على الذات واحدة؛ لكن مختلفة في المعنى البتار فيه أنه سيف وزيادة وصف وهو كونه بتارا، المهند سيف وزيادة كونه جاء من الهند، الصارم سيف وزيادة أنّ من وصْفِه الصّرامة وهكذا.

فإذن فيها ترادف من جهة الدلالة على المسمّى، وفيها تباين من جهة المعنى فصارت بيْن بيْن، وسميت متكافئة؛ يعني يكافئ بعضها بعضا، وهذا لا يقتضي التباين، ولا يقتضي الترادف.

هذا مثل ما جاء في الأسماء الحسنى كما مثّل لك، فإن اسم الله العليم والمؤمن والقدوس والسّلام، هذه بدلالة الذات، فإن العليم هو الله، والقدوس هو الله، والسلام هو الله، والرحيم هو الله، والملك هو الله، من جهة دلالتها على الذات واحدة، ومن جهة دلالتها على الصفة مختلفة، فإن اسم الله القدوس ليس مساويا في المعنى - من جهة الصفة- لاسم الله الرحيم، اسمُ الله العزيز ليس مساويا من جهة المعنى -يعني الصفة التي اشتمل عليها الاسم- لاسم الله القوي، ونحو ذلك، هذه تسمى متكافئة؛ يعني من حيث دلالتها على المسمى واحدة؛ لكن من حيث دلالتها على الوصف الذي في المسمى مختلفة؛ لأن المسمى الذات - ذات أي شيء - المسمى هذا يختلف، فيه صفات متعددة؛ إذا نظرت له من جهة يوصف بكذا، من جهة أخرى يوصف بكذا، وهو ذات واحدة.

مثّل لهذا بالذكر: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًى} [طه:124]، الذكر ما هو؟ هل هو القرآن؟ هل هو السنة؟ هل هو الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ هل هو ذكر الله؛ يعني التسبيح والتحميد؟ هذه كلها متلازمة؛ يعني من حيث ظاهرها مختلفة، أناس فسّروها بالقرآن، أناس فسروها بالسنة، أناس فسروها بكذا؛ لكن من حيث الدّلالة فإنها متلازمة؛ لأن من أعرض عن القرآن أعرض عن السنة، أعرض عن الإسلام، أعرض عن اتباع الرسول؛ من أعرض عن السنة أعرض عن القرآن أعرض عن الإسلام، إلى آخره.

فإذن الاختلاف هنا باعتبار المعنى، باعتبار ما اشتمل عليه المسمى من أوصاف.

فإذن هذا لا يسمى اختلافا بين مفسري السلف؛ بل هو اتفاق؛ لكن الاختلاف جاء في الدلالة على المعنى، وهذا له أسباب كما ذكرت بعضها.] اهـ المقصود.

والحمد لله رب العالمين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير