من القواعد الفقهية المقررة التي دل عليها الكتاب والسنة وذكرها ابن رجب في القواعد، وذكرها في زاد المستقنع في جزاء الصيد للمحرم: (من أتلف شيئًا لدفع أذاه فلا ضمان عليه، وإن أتلفه لدفع أذاه به ضمنه).
مثال الشطر الأول من القاعدة: لو صال عليه ضبع وهو محرم فقتله فلا ضمان عليه، وكذا لو صال عليه إنسان ولم يندفع إلا بالقتل فقتله فلا ضمان عليه؛ لأنه أتلفه لدفع أذاه فلم يضمن.
ومثال الشطر الثاني: لو صال عليه ذئب فأخذ شاة غيره فأعطاها الذئب وجعلها بينه وبينه ليسلم منه ويدفع عنه أذاه، فإنه يضمن الشاة، ومثله لو حلق رأسه وهو محرم لمداواة جرح برأسه فعليه فدية الأذى؛ لأنه دفع أذى جروح رأسه بحلق الشعر، لأنه أتلفه بدفع أذاه به فضمنه.
ومن القواعد الفقهية: ما حرم تحريم الوسائل فإنه يجوز للحاجة، وما حرم تحريم المقاصد فلا يجوز للحاجة أو لغيرها، فما حرم لكونه وسيلة وليس مقصودًا لذاته؛ فإنه يجوز للحاجة.
ومثاله: شم الطيب للمحرم محرم لكونه وسيلة إلى التطيب المحرَّم على المحرِم، فإذا شمه للترفه حرم، وإذا شمه للاستعلام، أي: ليستعلم الطيب وليعرف نوعه لكونه يريد شراءه فلا بأس؛ لكون ذلك للحاجة، وهذا عند ابن القيم وأما عند الفقهاء فلا يجوز مطلقًا، أما الطيب فمحرم قصدًا فلا يجوز مطلقًا.
ومثاله أيضًا: حجاب المرأة واجب، وكشف وجهها حرام؛ لأنه وسيلة إلى الفاحشة، لكن إذا احتاجت إلى كشفه للعلاج أو لنظر الخاطب جاز ذلك. بخلاف الزنا فإنه محرم قصدًا فلا يجوز بحال.
من القواعد الفقهية أيضًا: التي ذكرها ابن رجب.
يجوز تقديم الشيء إذا وجد سببه ولو لم يوجد شرطه، ومثاله: التمتع بوجوب الهدي، فإن لم يجد صام عشرة أيام ثلاثة في الحج، وابتداء الصيام من حين إحرامه بالعمرة؛ لأنه إذا أحرم بالعمرة انعقد سبب الوجوب، ولو لم يوجد الشرط وهو الإحرام بالحج، هذا دليل من جهة النظر والقياس.
أما الدليل الأثري: قول النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة (**********: HadithTak('Hits257.htm')) وما دامت العمرة داخلة في الحج فيجوز الصيام من حين الإحرام بالعمرة.
ومن القواعد الفقهية:
الفضيلة في ذات العبادة مقدمة على الفضيلة في مكان العبادة أو خارجها.
مثاله: الرمل في الطواف مع البعد عن الكعبة مقدَّم على الطواف قرب الكعبة بلا رمل؛ لأن الرمل فضيلة تتعلق بذات العبادة، وهو الطواف.
ومثاله أيضًا الصلاة في الفرض في المسجد النبوي في الصفوف الأولى مقدَّم على الصلاة في الروضة الشريفة؛ لأن فضيلة الصفوف الأولى تتعلق بذات العبادة، وفضيلة الصلاة في الروضة الشريفة تتعلق بمكان العبادة.
ومثال تقديم الفضيلة في ذات العبادة على الفضيلة في خارج العبادة: الصلاة في المسجد القديم مقدمه على الصلاة في المسجد الحديث مع صلاة جنازة فيه بعد الصلاة.
من القواعد الفقهية:
ما تركه النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مع وجود سببه في زمنه فترْكُه هو السنة وفعْلُه هو البدعة، ومثاله: رفع اليدين عند الدعاء في الصلاة بين السجدتين، وكذا في التشهد، وكذا رفع اليدين بعد الفريضة للدعاء، وكذا رفع اليدين في خطبة الجمعة للدعاء، فهذا الرفع لليدين في هذه المواضع للدعاء بدعة؛ لأن -النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يرفع يديه في هذه المواضع للدعاء.
فالقاعدة: أن ترك النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- للشيء مع وجود سببه في زمنه يكون ترْكُه هو السنة، ففعل النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- للشيء سنة، وتركه له سنة مع وجود سببه.
ومن القواعد:
أن أقوال العلماء يحتج لها ولا يحتج بها.
فإذا وافقت الدليل من الكتاب والسنة فهي حق فتقبل، وإن خالفته فلا تقبل ولا يعمل بها، ولكن العالم معذور ومأجور على اجتهاده، ولكن لا يجب علينا أن نأخذ بقول عالم خالف النص فيه مجتهدًا، وإن كان فيه معذورًا مأجورًا لكونه مجتهدًا، بل الواجب الأخذ بما دل عليه الدليل؛ كما قال تعالى: اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ ( http://quran.al-islam.com/Display/Display.asp?l=arb&nType=1&nSora=7&nAya=3) وكما أوصى العلماء والأئمة بالأخذ بالدليل وترك أقوالهم إن خالفت الدليل.
فوائد في أصول الفقه 3
¥