ـ[محمد العبادي]ــــــــ[23 - 04 - 08, 03:53 م]ـ
- خاتمة البحث
رأينا فيما مضى كيف أن علماءنا فهموا النصوص الشرعية في ضوء السياق وفي ضوء المقاصد الشرعية، ولم يعتمدوا فقط على ظواهر الألفاظ ...
ولقد عرف الفكر الإسلامي على مر مراحله ثلاث مدارس مختلفة:
1 – مدرسة وقفت عند ظواهر النصوص، ولم تتعرض لمقاصد الشريعة، ولم تلتفت لسياق النص، وهي مدرسة الظاهرية ..
2 – مدرسة على العكس من الأولى تمامًا حاربت النصوص، وتعسفت في التعامل معها باسم المصلحة والمقاصد، فجاءت اّراؤهم منحرفة تمامًا عن الدين الشريف ..
3 – مدرسة متوسطة معتدلة، عظمت النصوص ووقرتها، لكنها فهمتها في ضوء سياقاتها، وفي ضوء مقاصد الشريعة، وفي ضوء أفهام الصحابة التي تعد أصوب الأفهام ...
والمدرسة الأخيرة هي المدرسة التي سار عليها أغلب علماء الأمة رحمهم الله تعالى ..
فقد حارب علماؤنا منكري النصوص، والمتعسفين في التأويل؛ لذلك وضعوا للتأويل شروطًا صارمة من أهمهما ألا يعطل النصوص الشرعية:
- قال الإمام الغزالي رحمه الله تعالى:
(قال:بعض الأصوليين كل تأويل يرفع النص أو شيئا منه فهو باطل) (39).
ولقد تواترت نصوص الأئمة رضوان الله تعالى عليهم على الدعوة إلى اتباع نصوص الكتاب والسنة والعض عليهما بالنواجذ ..
وأيضًا فإن غالب الأئمة رحمهم الله تعالى لم يرضوا بطريقة الظاهرية رحمه الله تعالى، خاصة وأن طريقتهم قد أوقعتهم في شذوذات عجيبة!
- قال الإمام ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى:
(مما يعلم بطلانه قطعا: ما ذهبت إليه الظاهرية الجامدة: من أن الحكم مخصوص بالبول في الماء حتى لو بال في كوز وصبه في الماء: لم يضر عندهم أو لو بال خارج الماء فجرى البول إلى الماء: لم يضر عندهم أيضا والعلم القطعي حاصل ببطلان قولهم لاستواء الأمرين في الحصول في الماء وأن المقصود: اجتناب ما وقعت فيه النجاسة من الماء وليس هذا من مجال الظنون بل هو مقطوع به) (40).
- وعلق الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى على قول الظاهرية رحمهم الله تعالى بجواز تغطية المحرم الحي لوجهه وعدم جواز تغطية المحرم الميت لوجهه فقال:
(وفيه قول ثالث شاذ: إن كان حياً، فله تغطية وجهه، وإن كان ميتاً، لم يجز تغطيةُ وجهه، قاله ابنُ حزم، وهو اللائق بظاهريته) (41) ..
- لذلك اختلف علماء الأصول رحمهم الله تعالى في الاعتداد بخلاف الظاهرية فذهب كثير منههم إلى عدم الاعتداد بخلافهم، ورجح الإمام أبو عمرو بن الصلاح أنه لا يُعتد بخلافهم فيما شذوا فيه كمسألة التغوط في الماء الراكد، وقولهم بعدم القياس في الأصناف الربوية، وغيرها من المسائل الشنيعة – على حد تعبير ابن الصلاح – أما فيما عدا ذلك من المسائل فإنه يعتد بخلافهم .. (42) ..
أسأل الله عز وجل أن ينفعنا بما علمنا وأن يعلمنا ما ينفعنا، وأن يجعل ما كتبته في موازين حسناتي، إنه نعم المولى ونعم النصير وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اّله وصحبه والتابعين ..
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[23 - 04 - 08, 03:56 م]ـ
الإحالات
1 - إعلام الموقعين ج1 ص225 - الناشر: مكتبة الكليات الأزهرية، مصر، القاهرة.
الطبعة: 1388هـ/1968م.
2 – الرسالة ص 274 – 275 - المحقق: الشيخ أحمد شاكر.
الناشر: مكتبه الحلبي، مصر
الطبعة: الأولى، 1358هـ/1940م.
3 – الموافقات ج2 ص318 – 319 – المحقق: الشيخ عبد الله دراز.
الناشر: دار الحديث – القاهرة – مصر.
الطبعة: 1427 – 2006.
4 – البحر المحيط في أصول الفقه ج4 ص 357. المحقق: محمد محمد تامر.
الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان.
الطبعة: الطبعة الأولى، 1421هـ / 2000م.
5 – المصدر السابق.
6 – مقدمة التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية مع شرح الشيخ محمد بن صالح العثيمين ص84.
المحقق: إسلام منصور.
الناشر: دار البصيرة – مصر - الإسكندرية.
7 – اّل عمران 31.
8 – جامع البيان في تأويل القرآن ج6 ص323.
المحقق: الشيخ أحمد محمد شاكر.
الناشر: مؤسسة الرسالة.
الطبعة: الأولى، 1420 هـ - 2000 م.
9 – المصدر السابق ص324.
10 – هود 35.
11 - الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج9 ص29.
المحقق: هشام سمير البخاري.
الناشر: دار عالم الكتب، الرياض، المملكة العربية السعودية.
الطبعة: 1423هـ/ 2003م.
¥