تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت مرارا أن الأدلة متوافرة عندنا على أن الصحابة لم يتركوا خبر الواحد بحجة أنه واحد، ولم يقع عندهم تفريق بين عمل واعتقاد على أساس الآحاد والتواتر، بل هذا التفريق محدث مبتدع .. فان كان معك دليل على أن هذا المنهج يمد الى الصحابة والسلف بصلة، فإتنا به ان كنت من الصادقين .. أما الدعاوى العارية عن الدليل فلا التفات لنا اليها، ولا حاجة لنا بها!

أما قولك: "فالتعريف بالرب عز وجل وصفاته وأفعاله وسنته في خلقه ودلائل وحدانيته وإثبات الميعاد وأحداث القيامة والحديث عن الرسل والملائكة وغير ذلك قد اوضحه الله عز وجل في مئات الآيات أو آلافها"

فان كنت تريد به انكار ما ثبتت به السنة من عقائد - ولا أدري ان كنت تعلم أن السنة فيها ما بلغ حد التواتر أيضا - لمجرد أنه "ليس في القرءان" فهذا ليس كلام مسلمين، ولا حول ولا قوة الا بالله!

يا أخانا هذا تحكم في النصوص ما أنزل الله به من سلطان أبدا! وأنا أتحداك أن تأتي بدليل واحد على أن الصحابة قد اكتفوا في باب الاعتقاد بما في القرءان وحده، أو بما بلغ حد التواتر فقط!!! ثم يا أخي هل تزعم أن الرسول مطالب بأن كلما أخبر المسلمين بخبر من أخبار الغيب، جمع اليه الناس جميعا الى منبره عليه السلام - مثلا - حتى لا يلقي ذلك الخبر الا على كثرة كبيرة وافرة يمتنع مع مثلها احتمال الكذب أو النسيان؟؟ سبحان الله! اطالبك بالدليل على أنه قد تحرى شيئا كهذا! ووالله لو بحثت من الآن حتى تبلغ عمر نوح عليه السلام فلن تجد! لأن شرط التواتر في خبر العقيدة شرط لم يقل به أحد من الصحابة أبدا ولا أثر عن واحد منهم قط!! لقد كان النبي موصولا بالوحي وكان يعلم من أصحابه خيرأ، ومن أزواجه وآل بيته كذلك، فترك عند هذا ما لم يتركه عند ذاك، وحدث هذا بما لم يحدث به ذاك، ولم يعلم عنه أبدا أنه كان اذا أراد أن يعلم المسلمين أمرا من أمور عقيدتهم أو خبرا من أخبار الغيب، تحرى ألا يكون ذلك الا في جماعة أو في ملأ منهم مخافة أن يقع كذب أو نسيان أو كذا ممن اختارهم ليخبرهم بما أخبرهم!! ولو أنه يخاف الكذب عليه من أبي بكر - مثلا - أو من عمر أفكان يجعلهما منه بمنزلة السمع والبصر؟؟ ثم ان أمور العقيدة منها مسائل قد لا يضير المسلم الجهل بها ومنها مسائل معلومة بالاضطرار لا يسع المسلم الجهل بها، وكذا في أمور العبادات .. فان كنت تقول بأن تحري التواتر في مسائل العقيدة باطلاق مشروط عندك دون مسائل العبادات، فأنا أسألك، ان كنت تقبل بخبر الواحد في العبادات، ألا تخاف في ذلك من أن تكون صفة الصلاة التي تصليها - وأغلب ما فيها من السنة ليس متواترا - قد وهم فيها واهم أو كذب فيها كذاب غفلت عنه الأمة كلها؟؟؟ أليس ضبط هذا عندك، أهم من أن تضبط قولا في مسألة كسؤال هل رأى الرسول ربه في المعراج أم لا؟ فان كنت تفرق القبول الرج في الآحاد على أساس العقائد والعبادات، فأنت - وبناءا على مذهبك هذا الذي لا دليل ولا برهان عليه أبدا - في حرج عظيم في عمود دينك: الصلاة!!!

البينة على من ادعى يا أخانا، وأنا أطالبك باثبات دعوتك تلك بالدليل!

أما قولك: "أما المثال الذي ذكرت من الأمر بتوحيد الله عز وجل ونبذ الأوثان، فلم يعتمد النبي صلى الله عليه وسلم على الأفراد في نقله حيث ... "

فهو يثبت لي أنك لم تفهم المثال أصلا! فأنا لا أقصد وصول الخبر برسالة محمد الى من اتبعوه، وانما أقصد أن محمدا نفسه كان واحدا فيما احتمل على نفسه من الدعوة! يعني كان منفردا في طبقته، لم يكن معه جماعة من الناس كلهم يدعون حمل الخبر عن الله تعالى! ومع ذلك صدقه من صدقه من الناس ولم ينتظر أن يأتيه أنبياء أو مرسلين آخرون بمثل ما جاء به محمد حتى يبلغوا عنده حد التواتر في ذلك الخبر العظيم! فان قلت لي أن الأنبياء أمرهم مختلف لأنهم مؤيدون بالمعجزات، قلت لك الخوارق قد تأتي بها الشياطين كذلك! فليست هي القرينة الوحيدة التي بها يصدق الناس الخبر ويقبلونه! بل ان أساس دعوة المرسلين ما معهم من الدلائل والقرائن العقلية التي بها يبطلون ملة من حادوا عن صراط الله المستقيم وأشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا! وهم مؤيدون كذلك بما سرى عنهم في قومهم من حسن السيرة والصدق والأمانة .. أما المعجزات فتأتي لاقامة الحجة على المكذبين وترسيخ ايمان المؤمنين ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير