تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأنا والله لا أدري لو كان في زمانهم من يذهب الى مثل مذهبك هذا، فمن أي طوائف الناس يكون ذلك في زمن النبوة، أفيكون ممن لن يصدقوا الرسالة حتى يروا الآية والمعجزة، ويتخذون ذلك شرطا لقبول رسالة الرسول، أم ممن يقبلون الحق بحجته ودليله، ويحتملون عمن وثقتهم الأمة وقبلت خبرهم، فان هم رأوا المعجزة أو الآية لم تزدهم الا ايمانا وتصديقا!

أكرر مطالبتي لك بدليل واحد من الكتاب أو السنة أو الاجماع أو حتى النص الموقوف على صحابي او تابعي أنه لا تقبل أخبار الغيب في الدين الا ان جاءت من كثرة عن كثرة!

أما قولك: "يا سيدي، لو ان رجلاً - معلوم صدقه وأمانته وضبطه - أتاك الآن وأخبرك أن نبياً قد ظهر وأن معه معجزات وأن شرائع الاسلام قد نسخت ودعاك الى هذا الدين الجديد، هل تؤمن له لمجرد أنه صادق أمين ضابط؟؟؟!!! "

فأنا الذي أسألك بل وأستحلفك بالله، أي أمة تلك التي تشهد لرجل بالصدق والأمانة والضبط، ثم اذا به يأتي ذلك الرجل ليقول كلاما كهذا، الا أن تكون هي أمة بني اسرائيل أو أمة النصارى أو غيرهم من أمم الضلالة؟؟؟ أي صدق وأي أمانة وضبط اذا هذه التي يتصور أن تنسبها أمة محمد الى مثل هذا؟؟؟ هل تفهم معنى الصدق والأمانة والضبط أصلا يا أخي الحبيب؟؟ الصدق والأمانة والضبط أصلهم جميعا العدالة والديانة .. ولو قرأت في كتب أئمة الجرح والتعديل عن شروطهم وضوابطهم فيمن يحمل عنه الخبر ومن يرد خبره لرأيت العجب العجاب! وهذه هي عقيدتنا في أمة قد تكفل الله لها بحفظ الذكر فيها (الوحي: الكتاب والسنة لا الكتاب فقط) الى قيام الساعة! أما أن يقال أن رجلا قد يشهد له أئمة النظر في أحوال الرجال ويوثقونه بلا مخالف وتتبعهم الأمة على ذلك، ويقبلون عنه ما يرويه من الخبر - في العقيدة والعبادات ولا فرق - مع أنه في الحقيقة كاذب منافق وليس بعدل ولا ضابط، فهذا طعن في حفظ الله لدين الأمة يا أخي، وتضليل لأجيال من المسلمين بداية من أعلاها الى أدناها علما وديانة!! فانا لله وانا اليه راجعون!!

ثم أنا أسألك - وتأمل -، لو جاءك أنت اليوم عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول لك لقد سمعت رسول الله يقول كذا .. أتقبل منه ذلك وتصدقه في باب الخبر والعقيدة؟؟ أم ترده وتقول لا أقبل كلامك يا خليفة رسول الله حتى يأتيني مثله من كثرة لا يحتمل تواطؤها على الكذب؟؟؟ أأنت أشد حرصا على دينك من عمر وأبي بكر وعثمان وغيرهم من الذين زكاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهد لهم بأنهم قد عضوا على سنته بالنواجذ؟؟؟ فان قلت هؤلاء صحابة قد جاءني النص المتواتر في القرءان بتزكيتهم، فلا يمكن أن يقع منهم الكذب أو التدليس، قلت لك اذا فكل ما ينقلون من الأخبار ويحدثون به الناس من بعدهم هو مما تقبله أنت ولو انفرد به الواحد منهم، أليس كذلك؟ فان قلت كلا، لا أقبله لأنه خبر واحد، قلت لك قد ناقضت نفسك اذا، وان قلت بل أقبله لأنهم ممن زكاهم الله، قلت لك اذا فأثبت لي أنهم لما كانوا ينقلون ما معهم من الروايات الى تابعيهم، كانوا يشترطون ويتحرزون ألا يحدثوا بخبر من أخبار الغيب والعقائد الا في ملأ من الناس بحيث ينقله عنهم الكثرة التي ... الخ! لقد وثق هؤلاء العظماء أقواما واتفقوا على عدالتهم وهم الذين حدثوهم بما حدثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يزال الخبر يتفرق في المسلمين وفي أمصارهم، على هذا النحو، ولا يشترط أحد من الخلق أن يكون الخبر خبر كثرة عن كثرة حتى يقبلوه في أي باب من أبواب الاعتقاد والايمان! وانما الشرط الديانة والعدالة والضبط، وهو ما استقرت عليه من مناهج أهل الحديث، التي هدى الله اليها أئمة هذا الفن العظيم لحفظ دين الناس وصيانته! ولو أننا اكتفينا بما في القرءان من عقائد، فأنى لك بفهمها ان لم يكن من أخبار السلف والصحابة؟؟ ان كانت الأسماء والصفات التي ثبتت لله في القرءان يأتي المبتدعة فيعطلونها ويقولون هي ألفاظ فقط لا نفهم لها معنى، وما جاءنا شيء بمثل هذا عن أحد من الصحابة أو السلف أبدا، بل الأخبار كثيرة بضد هذا!!! فأنت يا من تكتفي بالقرءان في باب الأسماء والصفات - مثلا - كيف تضبط عقيدتك على ما كان عليه السلف لتبرأ مما أحدثه المتنطعون والذين ألحدوا في أسماء الله وصفاته؟؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير