تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولم يخرج ما قام به وهبة الزحيلي في كتابه "أصول الفقه" من محاولة تجديدية في جانب الشكل عما قام به معاصروه، فقد كانت غايتهم واحدة، وهدفهم واحد هو تيسير علم الأصول5.

ويجب التنويه هنا، بالمحاولة المدرسية الجادة للمصنف اليمني " أحمد بن الوزير" في كتابه "المصفى في أصول الفقه"، فقد بذل جهدا ضخما في سبيل تقديم المادة الأصولية للتلاميذ في صورة سهلة قريبة، مما سيمكن من دراسة الأصول دراسة نافعة"6.

وقد ألزم ابن الوزير نفسه في هذا المؤلف، بمسائل منهجية انصب كثير منها في تجديد الشكل، دون أن يغمط المضمون حقه من التجديد.

ومن المحاولات الجديدة في هذا الباب، ما اقترحه أخيرا الدكتور علي جمعة، فقد دعا إلى كتابة متن أصولي تتوفر فيه السمات الآتية:

- صياغته (أي المتن المقترح) بصورة تساعد على التشغيل، وأن يشمل القواعد الفنية أو الصناعية، على حد تعبير ابن رشد.

- أن لايقف عند حد الضروري الذي نادى به ابن رشد، إذ أن فكرة الضروري تقف عند حد تقديم الجمل النافعة للمتعلم عند شروعه في الصناعة، كما صرح ابن رشد ... 7

ب- تنقية علم الأصول من الدخيل: فطن الإمام الشاطبي مبكرا إلى أهمية تنقية علم أصول الفقه، وتصفيته من الموضوعات الدخيلة عليه. فهي موضوعات لاتفيد، بقدر ما تثقل كاهل هذا العلم، ومن ثم صرف همم الطلاب عنه. وهكذا قرر الشاطبي"أن كل مسألة مرسومة في أصول الفقه لا ينبني عليها فروع فقهية، أو آداب شرعية، أو لا تكون عونا في ذلك فوضعها في أصول الفقه عارية. والذي يوضح ذلك أن هذا العلم لم يختص بإضافته إلى الفقه إلا لكونه مفيدا له ومحققا للاجتهاد فيه، فإذا لم يفد ذلك فليس له أصل. ولا يلزم على هذا أن يكون كل ما انبنى عليه فرع فقهي من جملة أصول الفقه، وإلا أدى ذلك إلى أن يكون سائر العلوم من أصول الفقه"8.

وقد تلقى المصنفون حديثا في علم أصول الفقه، دعوة الإمام الشاطبي بكثير من القبول، ووجدت لديهم صدى طيبا، فعمدوا إلى تطبيق فحواها في مصنفاتهم. فهاهو ابن الوزير – مثلا– يلزم نفسه في كتابه "المصفى في أصول الفقه" ب"تصفية الأصول من الدخيل الذي لا فائدة فيه للطلاب"، ثم فصل رحمه الله في بيان المسائل الدخيلة في هذا العلم، وتمثلت –من وجهة نظره– في:

- مسائل الفروع: أي أن الأصوليين يطيلون في إيراد المسائل الشرعية في مؤلفاتهم الأصولية "فترى الطالب يخرج من النظريات الأصولية إلى مسائل فرعية فقهية، ثم لا تسمع في البحث الأصولي إلا هذه العبارة (وعند أصحابنا) أو (مذهبنا) كأنه فروع لا أصول"9.

- المسائل الفلسفية:"مثل كلامهم عن ماهي حقيقة العلم .. ومثل هذا كثير في التعاريف مثل: تعريف الوضع والعام والخاص مما لاجدوى للأصولي إلا ضياع الوقت"10.

- مسائل الفضول لا الأصول: وهي تلك المسائل التي طال فيها الكلام دون أن يحصل الأصولي أي جدوى منها، مثل: مسألة واضع اللغة، ومسألة ما لايتم الواجب إلا به في الأمر المطلق، ومسألة الخلاف في لفظ (أمر) ذلك الخلاف الطويل العريض بلا فائدة .. "11.

أما الدكتور علي جمعة، فقد كان من جملة ما اقترحه ضرورة أن "يخلى النموذج – المتن الأصولي المقترح – مما لا ثمرة تحته، أو مما لا يستعمل في الفروع، أو مما ليس من الأصول أصلا"12.

ثانيا: تجديد جوهر الدرس الأصولي

مامن شك في أن تجديد شكل الدرس الأصولي مسألة مهمة، لما قد يحققه من تيسير لهذا العلم وتقريبه لشريحة واسعة من الطلاب والقراء. إلا أن كثيرا من المشتغلين بهذا الدرس، غير مقتنعين بكفاية تجديد شكل هذا الدرس. فراحو يقدمون مبادرات تصب في إعادة النظر في بعض مضامينه، إما بالإضافة والتطوير أحيانا، أو بالتغيير أحايين أخرى.

وإذا كانت الأفكار المقدمة على هذا المستوى كثيرة يتعذر حصرها، إلا أنها في المجمل تصب في المحاور الآتية:

أ – التمكين لمقاصد الشريعة: ركزت الدعوات التجديدية في هذا المضمار، على أمرين هما: - الدعوة إلى جعل مقاصد الشريعة من مباحث أصول الفقه الضرورية، مع مراعاتها سواء عند البحث في النوازل المستجدة، أو عند فهم النصوص الشرعية.

- إعادة النظر في "التصور التقليدي" لمقاصد الشريعة، لأنه لم يعد قادرا على مواكبة العصر الذي نعيش فيه، بما يعرفه من مستجدات ومتغيرات، وتعقيدات.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير