تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قَالَ: وَإِذَا قَالَ الرَّجُلَانِ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ قَوْلَيْنِ نَظَرْت، فَإِنْ كَانَ قَوْلُ أَحَدِهِمَا أَشْبَهَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَخَذْت بِهِ، لِأَنَّ مَعَهُ شَيْئًا قَوِيًّا؛ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ الْقَوْلَيْنِ دَلَالَةً بِمَا وَصَفْت كَانَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ أَرْجَحَ عِنْدَنَا مِنْ وَاحِدٍ لَوْ خَالَفَهُمْ غَيْرُ إمَامٍ.

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْقَوْلِ دَلَالَةٌ مِنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ كَانَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ أَحَبَّ إلَيَّ مِنْ قَوْلِ غَيْرِهِمْ، فَإِنْ اخْتَلَفُوا صِرْنَا إلَى الْقَوْلِ الَّذِي عَلَيْهِ دَلَالَةٌ، وَقَلَّمَا يَخْلُو اخْتِلَافُهُمْ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ اخْتَلَفُوا بِلَا دَلَالَةٍ نَظَرْنَا إلَى الْأَكْثَرِ، فَإِنْ تَكَافَئُوا نَظَرْنَا أَحْسَنَ أَقَاوِيلِهِمْ مَخْرَجًا عِنْدَنَا، وَإِنْ وَجَدْنَا لِلْمُفْتِينَ فِي زَمَانِنَا أَوْ قَبْلَهُ إجْمَاعًا فِي شَيْءٍ تَبِعْنَاهُ، فَإِذَا نَزَلَتْ نَازِلَةٌ لَمْ نَجِدْ فِيهَا وَاحِدَةً مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ فَلَيْسَ إلَّا إجْهَادُ الرَّأْيِ، فَهَذَا كَلَامُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَرَضِيَ عَنْهُ بِنَصِّهِ، وَنَحْنُ نَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ عَنْهُ، بَلْ كَلَامُهُ فِي الْجَدِيدِ مُطَابِقٌ لِهَذَا مُوَافِقٌ لَهُ كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُ لَفْظِهِ، وَقَدْ قَالَ فِي الْجَدِيدِ فِي قَتْلِ الرَّاهِبِ: إنَّهُ الْقِيَاسُ عِنْدَهُ، وَلَكِنْ أَتْرُكُهُ لِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

فَقَدْ أَخْبَرَنَا أَنَّهُ تَرَكَ الْقِيَاسَ الَّذِي هُوَ دَلِيلٌ عِنْدَهُ لِقَوْلِ الصَّاحِبِ، فَكَيْفَ يَتْرُكُ مُوجِبَ الدَّلِيلِ لِغَيْرِ دَلِيلٍ؟ وَقَالَ: فِي الضِّلَعِ بَعِيرٌ، قُلْتُهُ تَقْلِيدًا لِعُمَرَ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: قُلْتُهُ تَقْلِيدًا لِعُثْمَانَ، وَقَالَ فِي الْفَرَائِضِ: هَذَا مَذْهَبٌ تَلَقَّيْنَاهُ عَنْ زَيْدٍ.

وَلَا تَسْتَوْحِشْ مِنْ لَفْظَةِ التَّقْلِيدِ فِي كَلَامِهِ، وَتَظُنَّ أَنَّهَا تَنْفِي كَوْنَ قَوْلِهِ حُجَّةً بِنَاءً عَلَى مَا تَلَقَّيْتُهُ مِنْ اصْطِلَاحِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ التَّقْلِيدَ قَبُولُ قَوْلِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ، فَهَذَا اصْطِلَاحٌ حَادِثٌ، وَقَدْ صَرَّحَ الشَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعِ مِنْ كَلَامِهِ بِتَقْلِيدِ خَبَرِ الْوَاحِدِ فَقَالَ: قُلْت هَذَا تَقْلِيدًا لِلْخَبَرِ، وَأَئِمَّةُ الْإِسْلَامِ كُلُّهُمْ عَلَى قَبُولِ قَوْلِ الصَّحَابِيِّ .. "

[ينظر: إعلام الموقعين عن رب العالمين، لابن القيم]

* لكن في البحر المحيط نجد ما يلي:

"وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ ": حَكَى الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَرَى فِي الْجَدِيدِ أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ حُجَّةٌ إذَا عَضَّدَهُ الْقِيَاسُ.

وَكَذَا حَكَاهُ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ: نَقُولُ بِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ إذَا كَانَ مَعَهُ قِيَاسٌ.

انْتَهَى.

وَكَذَا قَالَ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ فِي كِتَابِهِ، فَقَالَ: قَالَ فِي الْجَدِيدِ: إنَّهُ حُجَّةٌ إذَا اعْتَضَدَ بِضَرْبٍ مِنْ الْقِيَاسِ يَقْوَى بِمُوَافَقَتِهِ إيَّاهُ.

وَقَالَ الْقَاضِي فِي " التَّقْرِيبِ " فِي بَابِ الْقَوْلِ فِي مَنْعِ تَقْلِيدِ الْعَالِمِ لِلْعَالَمِ: إنَّ الَّذِي قَالَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ، وَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ مَذْهَبُهُ، وَحَكَاهُ عَنْهُ الْمُزَنِيّ فَقَالَ فِي الْجَدِيدِ: أَقُولُ بِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ إذَا كَانَ مَعَهُ قِيَاسٌ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير