[سد الذرائع]
ـ[أحمد يخلف]ــــــــ[04 - 06 - 08, 04:37 ص]ـ
سد الذرائع من الأصول التي أكثر الإمام مالك من الاعتماد عليها في اجتهاده الفقهي. واعتبار سد الذرائع بسدها أو فتحها، يعد توثيقا لمبدأ المصلحة الذي أخذ مالك -رحمه الله- بعروته ..
هذا أصل من الأصول التي أكثر الإمام مالك الاعتماد عليه في اجتهاده الفقهي. قال الباجي: "ذهب مالك - رحمه الله- إلى المنع من الذرائع وهي المسألة التي ظاهرها الإباحة ويتوصل بها إلى فعل محظور، وذلك نحو أن يبيع السلعة بمائة إلى أجل ويشتريها بخمسين نقدا، فهذا قد توصل إلى سلف خمسين في مائة بذكر السلعة .. (1)
وقاعدة الذرائع حكمها مالك في أكثر أبواب الفقه، لأن حقيقتها التوسل بما هو مصلحة إلى مفسدة (2). يقول "القرافي": "الوسيلة إلى أفضل المقاصد أفضل الوسائل وإلى أقبح المقاصد أقبح الوسائل، وإلى ما يتوسط متوسطه ( ... ) (3).
وهناك قواعد أخرى أشار إليها "القرافي" و "المقري" في قواعديهما ترتبط بقاعدة الذرائع:
* قد تكون وسيلة المحرم غير محرمة إذا أفضت إلى مصلحة راجحة، كالتوسل إلى دفع المال إلى الغير الذي هو محرم عليهم للانتفاع به لكونهم مخاطبين بفروع الشريعة عند مالك (4).
*- والذرائع القريبة جدا ولا معارض معتبره إجماعا كحفر بئر في الطريق، والبعيدة كذلك ملغاة إجماعا كزراعة العنب مخافة أن يتخذ منه الخمر .. وما بينهما معتبر عند مالك كإعادة الجماعة في مسجد له إمام راتب، أو بُيوع الآجال ملغى عند الجمهور (5).
إن هذا التوجه الذرائعي في فقه الإمام مالك هو توجه مشروط وليس مطلقا ..
واعتبار سد الذرائع بسدها أو فتحها، يعد من جهة أخرى توثيقا لمبدأ المصلحة الذي أخذ مالك -رحمه الله- بعروته. فهو يعتبر المصلحة الثمرة التي أقرها الشارع ودعا إليها وحث عليها، فجلبها مطلوب، وضدها وهو الفساد ممنوع، ولذلك كانت المصلحة في المذهب المالكي هي قطب الرحمة، وبها كان هذا المذهب خصبا كثير الإثمار (6).
الهوامش:
(1) - إحكام الفصول في أحكام الأصول، لأبي الوليد سليمان الباجي، ص: 789، تحقيق عبد المجيد تركي. دار الغرب الإسلامي، الطبعة الأوى: 1407هـ/ 1987م.
(2) - الموافقات في أصول الأحكام، لأبي إسحاق الشاطبي، ج4/ 198 - 199، تعليق عبد الله دراز. دار المعرفة، بيروت.
(3) - الفروق، شهاب الدين القرافي، ج 2/ 33. مطبعة عالم الفكر.
(4) - المصدر نفسه
(5) - المصدر نفسه
(6) - شرح تنقيح الفصول، لشهاب الدين القرافي، ص: 446.، تحقيق طه عبد الرؤوف. دار الفكر، الطبعة الأولى: 1393هـ/1973م.
http://www.habous.gov.ma/Ar/detail.aspx?ID=635&z=24&p=6