ثم أشكر من قام على هذا المنتدى فأقام بنيانه وشد أركانه، حتى قام على ساقه، وتألق سريعا، وجمع بين نضارة المظهر وجودة المخبر، وأرجو أن يكون له حظ كبير من قوله صلى الله عليه وسلم:" من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه ... الحديث " رواه مسلم.
ثم أنتقل إلى الموضوع فأطرح على الإخوة إشكالا حول مسألة قراءة القرآن بالمعنى، فالمشهور عدم جواز ذلك، والمسألة مشهورة في الحديث النبوي.
لكن وقفت على مايخالف ذلك في ظاهره:
1 - عن أبي بن كعب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"يا أبي بن كعب، إني أقرئت القرآن فقيل لي: على حرف أو على حرفين؟ قال: فقال الملك الذي معي: على حرفين، فقلت: على حرفين، فقال: على حرفين أو ثلاثة؟ فقال الملك الذي معي: على ثلاثة، فقلت: على ثلاثة، حتى بلغ سبعة أحرف، ليس منها إلا شاف كاف، إن قلت: (غفوراً رحيماً) أو قلت: (سميعاً عليماً) أو قلت: (عليماً سميعاً) فالله كذلك، ما لم تختم آية عذاب برحمة، أو آية رحمة بعذاب" أخرجه أحمد 5/ 124، وأبو داود (1477) وصححه الألباني في صحيح الجامع 2/ 1294، وفي تحقيق المسند 35/ 85: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
2 - قال ابن حجر في الفتح 8/ 644:" ثبت عن غير واحد من الصحابة أنه كان يقرأ بالمرادف ولو لم يكن مسموعا له ".
3 - نقل الذهبي في السير 5/ 347 عن أبي أويس قال:" سألت الزهري عن التقديم والتأخير في الحديث فقال: إن هذا يجوز في القرآن فكيف به في الحديث، إذا أصيب معنى الحديث ولم يحل به حراما ولم يحرم به حلالا فلا بأس، وذلك إذا أصيب معناه."
فأرجو من إخواني المتخصصين – ولست منهم – إفادتنا في ذلك.
وجزاكم الله خيرا
خالد بن عبدالعزيز الباتلي
قسم السنة وعلومها - كلية أصول الدين - جامعة الإمام
[email protected]
================================================== ===============
عبدالرحمن الشهري
المشرف العام
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم إني أعوذ بك من العجب بما أحسن، كما أعوذ بك من التكلف لما لا أحسن، اللهم حبب إلينا الحق، واعصمنا من الحيرة والشبهة،و اجعل بيننا وبين الصدق سببا، وحبب إلينا التثبت فيما نقول ونكتب.
أولاً: أرحب بالشيخ الكريم خالد الباتلي وفقه الله، وكم نحن سعداء بمشاركته لنا في هذا الملتقى، مما يعطي للملتقى نوعاً من الثقة بوجود أمثاله بين الأعضاء.
ثانياً: ذكرت - حفظك الله- مسألة (قراءة القرآن بالمعنى)، وأن المشهور فيها عدم الجواز، وشهرة هذه المسألة عند المُحدّثين، وأنك وجدت ما يخالف – في ظاهره – هذا القول المشهور، ونقلت جواب الإمام الزهري لأبي أويس عندما سأله عن جواز رواية الحديث بالمعنى فقال: (أن هذا يجوز في القرآن، فكيف به في الحديث، إذا أصيب معنى الحديث، ولم يحل به حراماً، ولم يحرم به حلالاً فلا بأس، وذلك إذا أصيب معناه).
ونقلت – وفقك الله - قولاً لابن حجر العسقلاني يثبت فيه أن غير واحد من الصحابة كان يقرأ بالمترادف ولو لم يكن مسموعاً له.
فأذن لي يا أخي الكريم أن أشير إلى بعض المسائل التي ربما تكون جواباً للمسألة، مع بقاء الباب مفتوحاً للإجابة من الأعضاء الكرام وفقهم الله جميعاً، فلن أدعي أنني لن أترك مقالاً لقائل، فأقول مستعيناً بالله:
أولاً: يجب أن يكون نصب عين الباحث في الشبهات والدعاوى التي تتناول القرآن الكريم قوله تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) [الحجر: 9]. وقوله تعالى: (إن علينا جمعه وقرآنه) [القيامة:17].
وقد ثبت بإجماع الأمة - كما نقله غير واحد من المفسرين، ومنهم الباقلاني في الانتصار للقرآن - أن الله تعالى لم يرد بهاتين الآيتين أنه تعالى يحفظ القرآن على نفسه ولنفسه، وأنه يجمعه لنفسه وأهل سماواته دون أهل أرضه، وأنه إنما عنى بذلك أنه يحفظه على المكلفين للعمل بموجبه والمصير إلى مقتضاه ومتضمنه، وأنه يجمعه لهم فيكون محفوظاً عندهم ومجموعاً لهم دونه محروساً من وجوه الخطأ والغلط والتخليط والإلباس.
وبهاتين الآيتين وجب القطع على صحة مصحف الجماعة، الذي جمع في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه، وسلامته من كل فساد. وانتفاء كل شبهة، وبطلان كل دعوى. ثقة منا في وعد الله سبحانه وتعالى وعد الله الذي لا يخلف وعده.
¥