[من عيوب متعصبة الفقهاء إرغام النصوص بالتأويل و التحريف الفاسد]
ـ[أبو حزم فيصل الجزائري]ــــــــ[09 - 08 - 08, 09:38 م]ـ
من عيوب متعصبة الفقهاء إرغام الأدلة بالتأويل و التحريف الفاسد
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد.
خلق الله الإنسان وجعله ناطقا مفكرا يتوارد عليه من الخواطر و المغلومات و الأفكار الشيء العظيم ما يجعله مدفوعا بالضرورة إلى الإفصاح عليها و الإفضاء بها.
وتبرز وتظهر هذه الأفكار و المعلومات في مواقف اللجاج و الحجاج و الجدال و الخصومات يدفع بعضها بعض إما موافقة أو معارضة.
و الجدال في مساره الصحيح مطلوب ومرغب فيه و التأريخ و الأثار تشهد بذلك.
وجاء الجدال في القرآن الكريم بمعنى مقابلة حجة بحجة برهان ببرهان سواء بسواء حقا أو باطلا، وهو على ضربين:
الأول: جدال منضبط في غاياته ووسائله وهو الجدال الذي يقصد من ورائه تبيين الحق ودفع الظلم و الباطل.
و النوع الثاني: جدال منحرف في غاياته ووسائله فهذا النوع باطل.
قال الله تعالى: {كذبت قبلهم قوم نوح و الأحزاب من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب}
وقد طرق متغصبة الفقهاء هذا الباب في حد ذاته فجادلوا بالباطل في أبواب الصواب مع غيرهم.
أرغموا الأدلة بالتأويل الفاسد حتى يوافق مذهبهم.
قال الأستاذ الشيخ عطية سالم رحمة الله عليه وهو يتكلم عن تاريخ علم أصول تالفقه ما آل إليه بعد الإمام الشافعي قال: {وكان أول من سارع إليه وكتب فيه الإمام الشافعي حتى تطور واكتمل واستقل ولكن دخلته اصطلاحات المتكلمين ليثبتوا ماتناولوه بطريق العقل كما خالطته طرق الفقهاء ليؤيدوا به فروع مذاهبهم إذا تعارضت مع غيرهم} انظرمقدمة المذكرة الأصولية للشنقيطي ص 4.
قال العلامة الحافظ الفقيه ابن رجب الحنبلي {ومما أنكره السلف الجدال المذموم و الخصام و المراء في مسائل الحلال و الحرام، أيضا لم يكن ذلك طريقة أئمة الإسلام و إنما أحدث ذلك فقهاء العراقيين في مسائل الخلاف بين الشافعية و الحنفية وصنفوا كتب الخلاف ووسعوا البحث و الجدال فيها وكل ذلك محدث لا أصل له وصار ذلك علمهم حتى شغلهم ذلك عن العلم النافع} فضل علم السلف عن علم الخلف ص 31 وما بعدها.
فا المأخذ على متعصبة الفقهاء أنهم يلوون أعناق النصوص ويحملونها ملا تحتمل لتوافق أغراضهم وتنصر مذهبهم وهذا عيب بالإجماع وهي صورة من صور المنافقين قال الله تعالى {وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذ فريق منهم معرضون و إن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أؤلئك هم الظالمون}
هذا ماأردت كتابته وإن كنت أرى أن الكتابة لم توفي حق العنوان لأنه كبير ويحتاج إلى دراسة وافية لكن هي خاطرة فقهية عابرة
والله أعلم
وصى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه
فيصل بن المبارك أبو حزم الأثري
الخميس 5 - شعبان - 1429 هجرية