[شمول الشريعة الإسلامية وكمالها]
ـ[أبو حزم فيصل الجزائري]ــــــــ[10 - 08 - 08, 12:58 ص]ـ
سلسلة المقالات الفقهية و الأصولية رقم (2)
[شمول الشريعة الإسلامية وكمالها]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد.
إن شمول الشريعة وكمالها من أبرز و أظهر كمال الدين، فقد دلت النصوص السمعية على شمول وحي الله - تعالى - لكل نازلة وحادثة ولكل مايحدث من الوقائع قال الله - تعالى - {إن الله كان على كل شيء حسيبا}. قال ابن سيريج {ليس شيء إلاو لله عز وجل فيه حكم لانه تعالى قال {إن الله كان على شيء حسيبا} انتهى.1
لأن الوحي بمثابة القواعد العامة التي تعم كل الجزئيات ماكان منها واقعا زمن النبوة ونزول الوحي وما يحدث بعد ذلك.
و النصوص التي تبدوا لنا أنه خاصة يجب أخذها كلية وذلك باستعمال طرق التعميم من مراعاة عموم التشريع في الأصل إلا ماخصه الدليل، وفي هذا المعنى يقول الإمام الشاطبي - رحمة الله عليه - {كل دليل شرعي يمكن أخذه كليا وسواء علينا أكان كليا أم جزئيا إلا ماخصه الدليل} اه 2
وقال في القسم الرابع من المقصد في المسألة التاسعة: {الشريعة بحسب المكلفين كلية عامة بمعنى أنه لا يختص بالخطاب بحكم من أحكامها الطلبية بعض دون بعض ولا يحاشى من الدخول تحت أحكامها مكلف البتة} اه 3
و الدليل على ذلك أمور:
منها: النصوص المتضافرة كقوله - تعالى - {وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا} وقوله {يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا}. وقوله عليه الصلاة و السلام {بعثت إلى الأحمر و الأسود}.
مما يدل على أن البعثة عامة لا خاصة.
وذهب بعض الأصوليين أن الشريعة لم تعم الصبيان و المجنون ممن ليس مكلف، وهذا الإيراد لا يصح لأن هذا النوع من الناس لم يرسل إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - بإطلاق وليس داخلا تحت عموم الناس.
قال الإمام الشاطبي {فلا اعتراض به وما تعلق بأفعالهم من الأحكام المنسوبة إلى خطاب الوضع فظاهر الأمر فيه}.اه 4
- النقطة الثانية: خلود الشريعة واطرادها ظاهر في وجود المجتهدين المتأهلين ولا يتم اطرادها مع خلوهم في تنزيل أحكام الله - تعالى - على النوازل و الوقائع، ويتأتى ذللك بالجمع بين المعرفة للأحكام الكلية المعتمدة على منهج الفهم وبين المعرفة لكيفية تطبيق هذه الأحكام على الوقائع المعتمدة على منهج التطبيق.5
وقد حمل بعض أهل العلم عموم الشريعة وكمالها لكل مايحتاج إليه على الخصال الدالة على صدق نبوة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -
وعموم الشريعة من أوضح الواضحات و أظهر البديهات و إنما انتخبت هذا الموضوع لفشو الجهل وطبقه في الأفاق وغموض لدى عامة الناس بالقطعيات، حتى صرنا نسمع هذه الأيام دعاوى غريبة عجيبة تصدر من أبناء المسلمين تجعل المسلم يشك في دينه وتكسبه رخاوة في عقيدته ومنهجه.
وهذا نتيجة الجهل بدين الله - تعالى -
و الله المستعان
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه
فيصل بن المبارك أبو حزم
يوم الأثنين 2 شعبان 1429ه