تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

6 - أن بحث الأصوليين لعموم البلوىفي بعض المسائل قد جاء بحسب طبيعة بحثه عند الفقهاء في الغالب، وهو كون عموم البلوىيمثل سبباً في التيسير، وذلك كما في صلة عموم البلوى بالقياس، والاستحسان، وسدالذرائع، مما يدل على شمول نظر الأصوليين لهذا الموضوع عند بحثهم له.

7 - أنعموم البلوى يعتبر أكثر أسباب التيسير مساساً للتفريع الفقهي، وأثره لا يقتصر علىقسم معين من أقسام الفقه دون غيره، بل هو في الغالب شامل لمجموع أقسام الفقه، وإنكان التصريح بالتعليل به قد كثر فيما يتعلق بأمور العبادات، خاصة فيما يتعلقبالطهارة وإزالة النجاسة، على أن التأمل في الفروع الفقهية يتضح منه شمول أثره لغيرذلك، ويتقرر هذا عند النظر في الفروع الفقهية التي جاء إيرادها في هذا البحث.

8 - أن عموم البلوى يعتبر أحد الأمور التي يتم بها ضبط المشقة؛ إذ إن المشاقمنها ما هو منضبط بأسباب معينة، وعموم البلوى يعتبر سبباً في التيسير باعتباره مظنةللمشقة، وإذا كان عموم البلوى منضبطاً بوقوع أحد أسبابه فالسعي في ضبطه حينئذ سعيفي ضبط المشقة بصورة أعم.

9 - أن اعتبار عموم البلوى سبباً في التيسير قدقامت عليه أدلة كثيرة من تصرفات الرسول صلى الله عليه وسلم، وتصرفات الصحابةوالتابعين رضي الله عنهم تفيد كلها القطع باعتبار عموم البلوى سبباً في التيسير.

10 - أن اعتبار عموم البلوى سبباً في التيسير مقيد بشروط يلزم مراعاتها؛ ليتحقق ذلك الاعتبار، وفقد شرط منها مؤثر في إنعدام ذلك الاعتبار، ولذا ينبغي لمنأراد الترخص اعتبارا لعموم البلوى مراعاة هذه الشروط.

11 - أن التكليف فيحال عموم البلوى يعتبر من قبيل الضرر، ولذلك تلزم إزالته تبعاً لقاعدة (لا ضرر ولاضرار)، أو (الضرر يزال). وإزالة الضرر هنا مقيدة بشرط ينبغي أن يراعى، وهذهالإزالة تتمثل في القول بعدم التكليف في حال عموم البلوى.

12 - أن عمومالبلوى يعتبر من أسباب نشوء العادة والعرف، ولذا فإن العمل بما تعم به البلوى يحكمباعتباره من قبيل العادة المحكمة، وهذا التحكيم مقيد بشروط معينة.

13 - أنعموم البلوى كما يلاحظ من خلال التفريع الفقهي يعتبر من أعظم أسباب تغير الأحكاموالفتاوى، وذلك بناء على اختلاف العمل بما تعم به البلوى باختلاف الأحوال، إلا أنهذا الاعتبار ليس على إطلاقه، بل فيه تفصيل سبق بيانه.

14 - كثرة تطبيقاتعموم البلوى في هذا العصر، ودخوله في تعليل أحكام كثير من الوقائع تصريحاً أو ضمناًمما يؤكد أهمية هذا الموضوع. ومن خلال النظر في كلام بعض العلماء والباحثينلتلك القضايا المستجدة نخلص إلى أن إطلاق التعليل بعموم البلوى، أو بأحد أسبابهلحكم قضية من تلك القضايا أمر غير سديد؛ إذ لا بد من التفصيل في أحكام كثير منالقضايا، والنظر في مدى تحقق عموم البلوى في جميع حالات القضية وصورها، والتحقق مناعتبار عموم البلوى في هذه الحالة أو تلك، فكثيراً ما يؤثر اختلاف الأحوال والأشخاصفي اختلاف الحكم بعموم البلوى. ثم إن بعض تلك القضايا المستجدة كان واضحاًفيه مدى الاعتماد على عموم البلوى في إثبات حكم معين لها، وبعضها الآخر كان التعليلبعموم البلوى فيها على سبيل الاعتضاد. ويمكن بعد ذلك أن أختم ببعضالتوصيات:

1 – ضرورة اهتمام الباحثين بالتأصيل والتقعيد في القضاياالفقهية؛ للحاجة إلى ذلك في هذا العصر على وجه الخصوص، فبذلك تنضبط أحكام كثير منالجزئيات.

2 – يعتبر تغير الفتاوى واختلاف الأحكام في الشريعة الإسلامية منالأمور البارزة في مجال التفريع الفقهي، ولا شك أن التأصيل والتقعيد لهذا الموضوعيحتاج إلى المزيد، وإن وجد فيه بعض الرسائل العلمية والكنايات القليلة التي تناولتبعض جوانبه. وختاماً أسأل الله تعالى أن ينفع بهذا البحث، وأن يجعله خالصاًلوجهه، وأن يجعله حجة لي يوم ألقاه، وحسبي فيه أني أعملت جهدي؛ لأصل إلى ما يغلبعلى ظني أنه الصواب والحق. وينبغي أن يعلم أن هذا البحث جهد بشر لم يجعلالله له العصمة، فما كان فيه من صواب فمن الله، وما كان فيه من خطأ فمن نفسي ومنالشيطان، والله ورسوله منه بريئان، وأرجو من قارئه أن يغمر سيئات هذا البحث فيحسناته، والله تعالى هو المستعان والمسئول على كل حال، وصلى الله وسلم على نبينامحمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

http://mmf-4.com/vb/forumdisplay.php?f=39&order=desc&page=2

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير