[الفرق بين عموم المطلق وعموم العام]
ـ[النصري]ــــــــ[22 - 08 - 08, 02:39 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
سيتناول البحث ـ هنا ـ الفرق بين عموم (المطلق) وعموم (العام) لغةً واصطلاحاً؛ لِمَا في هذا من إشكال وخلطٍ بين هذين العمومين من بعض الناس مع الفرق الجلي بينهما لغة واصطلاحاً.
فالعام لغة: ((عبارة عن إحاطة الأفراد دفعة)) ([1]).
واصطلاحاً: ((هو اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له بحسب وضع واحد، كقولنا: (الرجال) فإنَّه مستغرق لجميع ما يصلح له.)) ([2])،.
وأشهر ألفاظ العموم: المعرف بـ (أل) الجنسية مفرداً كان أم جمعاً، والنكرة المقترنة بأداة استغراق، كالواقعة في سياق الشرط والاستفهام والنفي والنهي، والأسماء الموصولة، وأسماء الشرط، والاستفهام، ولفظة (كل) ([3]).
وكلا المعنيين اللغوي والاصطلاحي لـ (العام) يدل على استغراقه وشموله لجميع أفراد جنسه دفعة واحدة
المطلق لغة: ضد المقيد.
وفي الاصطلاح:: ما دل على شائع في جنسه، أو ما دل على فردٍ ما منتشر في جنسه؛ لدلالته على فرد شائع منتشرٍ في جنسه. ([4]).
فشتان بين معنى مصطلح (المطلق) ومعني مصطلح (العام)، فالمصطلح الأول يدل على الشيوع المنتشر في جنسه، والمصطلح الآخر يدل على الشمول المستغرق لجنسه؛ ولذا فالأوْلَى أن يُطلقَ على (المطلق) معنى الشيوع كما صرح بذلك الأصوليون فقالوا: ((المطلق هو الشائع في جنسه)) ([5])؛ لدلالته على الانتشار في الجنس لغةً واصطلاحاً، وأنْ يُطلَقَ على معنى (العام) العموم؛ لدلالته على الشمول لجنسه لغة واصطلاحاً.
ولكن سَمَّى بعضهم شيوع المطلق عموماً، كقول الجصاص: ((اللفظ المطلق يقتضي العموم)) ([6])، فالتبسَ ذلك على بعضهم فخلطوا بين مثلِ قول الجصاص وبين عموم (العام) ـ مما اضطر بعض العلماء إلى استحداث مبحث في الفرق بين عموم (النكرة)، وعموم (العام).
الفرق بين عموم (المطلق) وعموم (العام)
اضطرَّ علماء الأصول إلى التفرقة بين عموم (العام) وعموم (المطلق) لدفع توهم المرادفة بينهما، ويمكن التفريق بينهما من عدة وجوه:
الوجه الأول: أن الأصل في اللغة أن كل لفظ يخالف غيره من جهة المعنى، وحتى الألفاظ التي قيل بترادفها لابد أن تجد بينها فروقاً في المعنى، وخير شاهد على ذلك كتاب الفروق لابن فارس، والفروق لأبي هلال العسكري.
الوجه الثاني: تصريح بعض الأصوليين بأن المطلق من أقسام الخاص، كقول عبيد الله بن مسعود المحبوبي البخاري الحنفي في التوضيح في حل غوامض التنقيح: ((المطلق من أقسام الخاص لأن المطلق وضع للواحد النوعي)) ([7])، ومعلوم أن الخاص هو قسيم العام.
الوجه الثالث: اشتراط بعض الأصوليين في حد المطلق الشيوع فقال: ((المطلق هو الشائع في جنسه)) ([8]).
ومادة (شيع) تدل على أصلين في اللغة: ((أحدُهما على معاضدة ومساعفة، والآخر على بَثٍّ وإشادةٍ.)) ([9])، ومعنى المطلق يتعلق بالمعنى الثاني لـ (الشياع)، وهو كون الشيء مبثوثاً، أي: منتشراً في جنسه، ومنه قوله تعالى:) إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (([10])، فالله Y أكد أنَّه أعد للذين يحبون انتشار الفاحشة عذاباً في حياتهم الدنيا والأخرى.
والمعنى الذي أورده الأصوليون لـ (المطلق) في الاصطلاح يدور حول معنى كلمة (الشيوع) التي تدل على انتشار الشيء في جنسه بحيث يحتمل أنْ يكونَ في أيِّ فردٍ من أفراد الجنس، لا كلّ فردٍ من أفراده.
الوجه الرابع: تنبيه الأصوليين على هذه المسالة حتى لا يتوهم واهم ترادفهما
ومن ذلك قول الزركشي: ((العموم يقع على مسمى عموم الشمول وهو المقصود هنا وعموم الصلاحية وهو المطلق وتسميته عاما باعتبار أن موارده غير منحصرة لا أنه في نفسه عام ويقال له عموم البدل أيضا والفرق بينهما أن عموم الشمول كلي ويحكم فيه على كل فرد وعموم الصلاحية كلي أي لا يمنع تصوره من وقوع الشركة)) ([11])
¥