[المناسب الملغى]
ـ[الديولي]ــــــــ[13 - 10 - 08, 12:07 م]ـ
التعبير بالمناسب الملغى هل هذا التعبير صحيحا ولا حرج فيه
لأن الناظر في بعض كتب الأصول يجد العلماء يقولون في سبب هذه التسمية - بالمناسب - أي الملائم لأفعال العقلاء عادة،
وبالملغى لعدم اعتبار الشارع له
هكذا قيل
فالسؤال: ألا يشعر القارئ بهذا، أن الشرع جاء مخالف لما يقتضي العقل!
وهل هذه التسمية نظر فيها عند التدوين بمسألة التحسين والتقبيح
ـ[ابو مهند العدناني]ــــــــ[21 - 10 - 08, 02:10 ص]ـ
المشرع إذا ألغى وصفا مناسبا، فإنما يلغيه ليُعلق الحكم بوصف مناسب آخر.
فالمحكوم عليه تعددت فيه الأوصاف المناسبة الصالحة لتعليق الحكم عليه.
وعند تزاحم الأوصاف المناسبة يُعلق المشرع الحكم بالوصف المناسب الذي يشتمل على تحقيق أعظم المصالح، أو دفع أكبر المفاسد.
ومثاله: الغني المجامع في نهار رمضان، هل يكفر ابتداء بالصوم، أم بالعتق؟
فعلة إيجاب الكفارة هي الزجر، والغني لا ينجز بالإعتاق، لسهولته عليه، فيفرض عليه الصوم ابتداء، لتحصيل علة الزجر.
فعلة الزجر وصف مناسب، لكن المشرع ألغى تعليق الحكم به
وقدم عليه وصفا مناسبا آخر، وهو تخليص الرقبة من الرق.
فالتكفير بالعتق علة لتحصيل الزجر عن معاودة الوقوع في المعصية، وعلة لتخليص الرقبة من الرق.
فإذا حصل التزاحم وامتنع تحصيل كلتا العلتين، قُدم الوصف المناسب المفضي إلى تخليص الرقبة من الرق، وإن لم يحصل معه زجر للمذنب، لان المصلحة فيه أرجح عند المشرع، ولا يخالف هذا حكم العقل.
لكن الإشكال الوارد على الأصوليين، هو تقسيم المناسب إلى مرسل ومعتبر وملغى.
ومحل الاستشكال هو القول بوجود الوصف المرسل.
ووجه الاستشكال ذكرته سابقا وهو:
القول بوجود المصلحة المرسلة مع القول بأن رعاية جنس الوصف في جنس الحكم يكون من المصلحة المعتبرة: تناقض.
ووجه التناقض أن جنس المصالح في جنس الأحكام الشرعية معتبر شرعا، وقد دل الاستقراء القطعي على رعاية جنس المصلحة في جنس الحكم الشرعي، فكيف يقال إن الشرع لم يشهد له بنوع من الاعتبار.
ولكي يستقيم التقسيم ويكون مستجمعا لشرائط القسمة المنطقية لابد من احد أمرين: إما أن يصطلحوا على أن ما كان مرعيا بوصف الجنس في الجنس ليس داخلا تحت المشهود له بالاعتبار، ويصطلحوا أن ما كان بهذا المعنى هو المصلحة مرسلة، وحينئذ فلا مشاحة في الاصطلاح.
وإما أن يصطلحوا على أن المصلحة المرسلة هي ما كانت مرعية بوصف الجنس العالي في الجنس العالي، ورعايتها بهذا الوصف يجعلها مرسلة، لأنه لا يمكن التحقق من كونها مرعية له في نفس الأمر، فنزلت هذا الرعاية المظنونة منزلة المعدوم.
وما كان مرعيا بوصف الجنس القريب أو المتوسط يكون داخلا إما في المناسب الغريب وإما في المناسب المؤثر، تنزيلا لهذا الظن في رعايتها منزلة الرعاية المتحققة.
وأما أن ينفى عنها مطلق الاعتبار ولو بدرجة من درجات الاعتبار، ومن ثم بناء الأحكام عليه فلا وجه له.