تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نقل السّرَخسيُّ في المبسوط "وعن " أبي يوسف " رحمه الله تعالى في الأمالي قال إذا أدخل الجنب يده أو رجله في البئر لم يفسده وإن أدخل رجله في الإناء أفسده وهذا لمعنى الحاجة ففي البئر الحاجة إلى إدخال الرجل لطلب الدلو فجعل عفوا وفي الإناء الحاجة إلى إدخال اليد فلا تجعل الرجل عفوا فيه وإن أدخل في البئر بعض جسده سوى اليد والرجل أفسده لأنه لا حاجة إليه"، ثم قال بعد ذلك "ولكن الصحيح أن إزالة الحدث بالماء مفسد للماء إلا عند الضرورة كما بينا في الجنب يدخل يده في الإناء وفي البئر معنى الضرورة موجود فإنهم إذا جاءوا بغواص لطلب دلوهم لا يمكنهم أن يكلفوه الإغتسال أولا فلهذا لا يصير الماء مستعملا ولكن الرجل يطهر لأن الماء مطهر من غير قصد

وجه رواية الإملاء أنه كما أدخل بعض أعضائه في البئر صار الماء مستعملا فبعد ذلك سواء اغتسل أو لم يغتسل لم يطهره الماء المستعمل

". فأنت ترى في هذا النّقل أن الفقهاء الحنفية يعبرون عن الحاجة والضّرورة بنفس المعنى، لكنك إن أمعنت النظر رأيت أن سبب التفرقة هو في عموم البلوى (كما عبر عنه الحنفية) أو بعموم هذه الحاجة كما هو في حالة البئر بخلاف مسألة الجنب كفرد. ومثل هذا في المبسوط كثير يزيد على العشرات، وإني أستفزّ الأخوة الفقهاء الحنفية للقيام ببحث في هذا السياق.

وفي نقل آخر عن الإمام الفقيه الحنفي الكاسانيّ، يقول (رحمه الله تعالى): "وجه قول أبي يوسف: أن القياس يأبى حصول الطهارة بالغسل بالماء أصلا لأن الماء متى لاقى النجاسة تنجس سواء ورد الماء على النجاسة أو وردت النجاسة على الماء و التطهير بالنجس لا يتحقق

إلا أنا حكمنا بالطهارة لحاجة الناس إلى تطهير الثياب و الأعضاء النجسة و الحاجة تندفع بالحكم بالطهارة

عند ورود الماء على النجاسة فبقي ما وراء ذلك على أصل القياس فعلى هذا لا يفرق بين البدن و الثوب

و وجه الفرق له على الرواية الأخرى: إن في الثوب ضرورة إذ كل من تنجس ثوبه لا يجد من يصب الماء عليه و لا يمكنه الصب عليه بنفسه و غسله فترك القياس فيه لهذه الضرورة دفعا للحرج و لهذا جرى العرف" وإذا أمعنت النّظر رأيت أنّ الحاجة الّتي هي الضّرورة هنا هي نفسها عموم البلوى أو الحرج ... فهي إذن تطبيق عندهم لقاعدة رفع الحرج .... ومثال ذلك عند الكاساني ي بدائع الصّنائع كثير جدا

وقد أفصح الطحطاوي عن ذلك وعبرعنه بشكل واضح في حاشيته على مراقي الفلاح فقال: "لأن كشف العورة لا يجوز إلا عند الحاجة يعني الضرورة ولا ضرورة قبل القرب من الأرض "

وأمّا اين نجيم الفقيه الحنفيّ صاحب الأشباه والنّظائر فقد اعتبرها من القواعد الفقهية ("أو زعم كالبعض غيره أنها تنزل منزلة الضّرورة" فقال بكلامه على القاعدة السادسة المتفرعة: "السادسة: الحاجه تنزل منزلة الضرورة عامة كانت أو خاصة

ولهذا جوزت الإجارة على خلاف القياس للحاجة ولذا قلنا لا تجوز إجارة بيت بمنافع بيت: لاتحاد جنس المنفعة فلا حاجة بخلاف ما إذا اختلف

ومنها: ضمان الدرك جوز على خلاف القياس

ومن ذلك: جواز السلم على خلاف القياس لكونه بيع المعدوم دفعا لحاجة المفاليس

ومنها جواز الاستصناع للحاجة ودخول الحمام مع جهالة مكثه فيها وما يستعمله من مائها وشربة السقاء

ومنها: الإفتاء بصحة بيع الوفاء حين كثر الدين على أهل بخارى وهكذا بمصر وقد سموه بيع الأمانة والشافعية يسمونه الرهن المعاد "

وأما بالنسبة لقواعد الفقه الشّافعي، فقد قال الزّركشي في المنثور، وهو كتاب في القواعد الفقهية الشافعية يقول: "الحاجة العامة تنزل منزلة الضرورة الخاصة في حق آحاد الناس

كررها إمام الحرمين في مواضع من البرهان وكذا في النهاية

فقال في باب الكتابة إن عقد الكتابة والجعالة ونحوهما جرت على حاجات خاصة تكاد تعم والحاجة إذا عمت كانت كالضرورة فتغلب فيها الضرورة الحقيقية

منها مشروعية الإجارة مع أنها وردت على منافع معدومة قال شارحه الأبياري يعني به أن الشرع كما اعتنى بدفع ضرورة الشخص الواحد فكيف لا يعتني به مع حاجة الجنس ولو منع الجنس مما تدعو الحاجة إليه لنال آحاد الجنس ضرورة تزيد على ضرورة تزيد على ضرورة الشحص الواحد فهي بالرعاية أولى"

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير