تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَنَا أَنَّ الْعِصْمَةَ إنَّمَا تَثْبُتُ لِلْأُمَّةِ بِكُلِّيَّتِهَا، وَلَيْسَ هَذَا إجْمَاعَ الْجَمِيعِ بَلْ هُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إلَى اللَّهِ} فَإِنْ قِيلَ: قَدْ تُطْلَقُ الْأُمَّةُ وَيُرَادُ بِهَا الْأَكْثَرُ، كَمَا يُقَالُ بَنُو تَمِيمٍ يَحْمُونَ الْجَارَ وَيُكْرِمُونَ الضَّيْفَ، وَيُرَادُ الْأَكْثَرُ.

قُلْنَا مَنْ يَقُولُ بِصِيغَةِ الْعُمُومِ يَحْمِلُ ذَلِكَ عَلَى الْجَمِيعِ، وَلَا يَجُوزُ التَّخْصِيصُ بِالتَّحَكُّمِ بَلْ بِدَلِيلٍ وَضَرُورَةٍ وَلَا ضَرُورَةَ هَهُنَا، وَمَنْ لَا يَقُولُ بِهِ فَيَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْأَقَلَّ وَعِنْدَ ذَلِكَ لَا يَتَمَيَّزُ الْبَعْضُ الْمُرَادُ عَمَّا لَيْسَ بِمُرَادٍ وَلَا بُدَّ مِنْ إجْمَاعِ الْجَمِيعِ لَيُعْلَمَ أَنَّ الْبَعْضَ الْمُرَادَ دَاخِلٌ فِيهِ، كَيْفَ وَقَدْ وَرَدَتْ أَخْبَارٌ تَدُلُّ عَلَى قِلَّةِ أَهْلِ الْحَقِّ حَيْثُ قَالَ {وَهُمْ يَوْمَئِذٍ الْأَقَلُّونَ} وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {سَيَعُودُ الدِّينُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا} وَقَالَ تَعَالَى {أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُ} وَقَالَ تَعَالَى: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ} الْآيَةَ.

وَإِذَا لَمْ يَكُنْ ضَابِطٌ وَلَا مَرَدٌّ فَلَا خَلَاصَ إلَّا بِاعْتِبَارِ قَوْلِ الْجَمِيعِ.

وقال صاحب كتاب كشف الأسرار

، وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ مِثْلُ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ وَأَبِي الْحُسَيْنِ الْخَيَّاطِ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ أُسْتَاذِ الْكَعْبِيِّ: لَا يُشْتَرَطُ فِي انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ اتِّفَاقُ الْجَمِيعِ بَلْ يَنْعَقِدُ بِاتِّفَاقِ الْأَكْثَرِ مَعَ مُخَالَفَةِ الْأَقَلِّ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ كَانَ الْأَقَلُّ قَدْ بَلَغَ عَدَدَ التَّوَاتُرِ مَنَعَ خِلَافُهُ مِنْ انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ، وَإِلَّا فَلَا.

وفي شرح التلويح

ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ مِمَّا سَنَحَ لَهُ قَطْعِيَّةَ الْإِجْمَاعِ سِتَّةَ أَوْجُهٍ.

حَاصِلُ الْأَوَّلِ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَكَمَ بِإِكْمَالِهِ دِينَ الْإِسْلَامِ، فَيَجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِهِ مُهْمَلًا وَلَا شَكَّ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْحَوَادِثِ مِمَّا لَمْ يُبَيَّنْ بِصَرِيحِ الْوَحْيِ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُنْدَرِجًا تَحْتَ الْوَحْيِ بِحَيْثُ لَا يَصِلُ إلَيْهِ كُلُّ أَحَدٍ، وَحِينَئِذٍ إمَّا أَنْ لَا يُمْكِنَ لِلْأُمَّةِ اسْتِنْبَاطُهُ وَهُوَ بَاطِلٌ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي الْإِدْرَاجِ أَوْ يُمْكِنُ لِغَيْرِ الْمُجْتَهِدِينَ مِنْهُمْ خَاصَّةً، وَهُوَ بَاطِلٌ بِالضَّرُورَةِ فَتَعَيَّنَ اسْتِنْبَاطُهُ لِلْمُجْتَهِدِينَ وَحِينَئِذٍ إمَّا أَنْ يَسْتَنْبِطَهُ قَطْعًا وَيَقِينًا كُلُّ مُجْتَهِدٍ وَهُوَ أَيْضًا بَاطِلٌ لِمَا بَيْنَهُمْ مِنْ الِاخْتِلَافِ، أَوْ جَمِيعُ الْمُجْتَهِدِينَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَهُوَ أَيْضًا بَاطِلٌ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فَتَعَيَّنَ اسْتِنْبَاطُ جَمْعٍ مِنْ جَمِيعِ الْمُجْتَهِدِينَ، وَلَا دَلَالَةَ عَلَى تَعْيِينِ عَدَدٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الْأَعْصَارِ، فَيَجِبُ أَنْ يُعْتَبَرَ عَصْرٌ وَاحِدٌ وَحِينَئِذٍ لَا تَرْجِيحَ لِلْبَعْضِ عَلَى الْبَعْضِ فَتَعَيَّنَ اعْتِبَارُ جَمِيعِ الْمُجْتَهِدِينَ فِي عَصْرٍ وَاحِدٍ فَيَكُونُ اتِّفَاقُهُمْ بَيَانًا لِلْحُكْمِ وَبَيِّنَةً عَلَيْهِ فَيَجِبُ اتِّبَاعُهُ لِلْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى وُجُوبِ اتِّبَاعِ الْبَيِّنَةِ هَذَا غَايَةُ تَقْرِيرِ هَذَا الْكَلَامِ.

لكن لعل كلامك له وجه عند شغور الدنيا من المجتهدين غير اثنين إن جوزنا ذلك

أو يحمل كلامك على حالة بعينها لا يتعداها

وراجع هذا

جاء في كتاب التقرير والتحبير - (5/ 71)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير