به فضل الكلام، وإنه من الاجناس التى يقع فيها التفاضل في البيان والفصاحة، كالتجنيس والالتفات، وما أشبه ذلك من الوجوه التى تعرف بها الفصاحة لو تدبر هذا القول، ولم يكن مدفوعا إلى معارضته لمخالفته مذهب أصحابه - لرآه قولا وجيها، ولما وجد بين السجع وبين أنواع البديع التى ذكرها من فرق، ولقال عنه مثل قوله عن البديع ص 170: " ولكن قد يمكن أن يقال في البديع الذى حكيناه وأضفناه إليهم: إن ذلك باب من أبواب البراعة، وجنس من أجناس البلاغة، وإنه لا ينفك القرآن عن فن من فنون بلاغاتهم، ولا وجه من وجوه فصاحاتهم، وإذا أورد هذا المورد، ووضع هذا الموضع، كان جديرا " ولو صنع ذلك لاهتدى إلى سواء الصراط، ولما ذهب يتمحل العلل الواهية لنفى السجع من القرآن، كقوله: " لو كان الذى في القرآن على ما تقدرونه سجعا لكان مذموما مرذولا، لان السجع إذا تفاوتت أوزانه، واختلفت طرقه - كان قبيحا من الكلام! وللسجع منهج مرتب محفوظ، وطريق مضبوط، متى أخل به المتكلم وقع الخلل في كلامه، ونسب إلى الخروج عن الفصاحة .. فلو كان ما تلى عليهم من القرآن سجعا لقالوا، نحن نعارضه بسجع معتدل، فنزيد في الفصاحة على طريقة القرآن، ونتجاوز حده في البراعة والحسن ".
وفوق ما في كلامه هذا من خطأ وتهافت، فإن فيه هفوة أخرى، إذ حكم قواعد البلاغة في القرآن، مع أن القرآن هو الاساس الذى يجب أن تحاكم إليه قواعد البلاغة، وأن تجرى على سننه، ووفق أحكامه.
وكقوله: " ولا بد لمن جوز السجع في القرآن وسلك ما سلكوه، من أن يسلم ما ذهب إليه النظام وعباد وهشام، ويذهب مذهبهم في أنه ليس في نظم القرآن وتأليفه إعجاز، وأنه يمكن معارضته، وإنما صرفوا عنه ضربا من الصرف! ويتضمن كلامه تسليم الخبط في طريقة النظم، وأنه منتظم من فرق شتى، ومن أنواع مختلفة
ينقسم إليها خطابهم ولا يخرج عنها! ويستهين ببديع نظمه، وعجيب تأليفه الذى وقع التحدي إليه "!! وهذه إلزامات عجيبة لا تلزم المثبتين للسجع في القرآن بحال من الاحوال،
لانهم يرون أن السجع الرائع مظهر من مظاهر الاقتدار على البلاغة، والامتلاك لزمام الفصاحة، وأن السجع الكثير في القرآن قد جاء في أرفع صور البيان، وباين كل أسجاع الساجعين، كما يؤمنون بأن سر إعجاز القرآن نظمه البديع، وبلاغته الرائعة المجاوزة لجميع بلاغات العرب.
وأى فارق بين مشاركة القرآن كله لغيره من الكلام في كونه كلاما عربيا مؤلفا من ألفاظ فصيحة بليغة، وبين مشاركة بعض آية في كونها جاءت مسجوعة؟ وكيف يكون السجع المحمود من أمارات الفصاحة المعدودة، التى يقصد إليها أعلام البلغاء في بعض كلامهم لتوشيته وتزيينه، وتحسينه بعقد المناسبة بين ألفاظه ثم نجرد القرآن منه، وننفيه عنه بزعمنا، مع ادعائنا أنه قد اشتمل على أنواع البلاغة والفصاحة جميعا؟ ولئن قال الباقلانى: " إن السجع عيب يجب تفيه عن القرآن، فإنى أقول: إن السجع من الميزات البلاغية التى يجدر بنا أن ننزه القرآن عن خلوه منها.
)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[14 - 05 - 08, 04:15 ص]ـ
فائدة
رجاء مهم: بخصوص المحقق الكبير السيد أحمد صقر رحمه الله
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=638360#post638360
ـ[بن حمد آل سيف]ــــــــ[14 - 05 - 08, 09:50 م]ـ
ومن الاتقان للسيوطي:
(وهل يجوز استعمال السجع في القرآن؟ خلافٌ.
1 - الجمهور: على المنع.
لأن أصله من السجع الطير فشرف القرآن أن يستعار لشيء منه لفظ أصله مهمل.
ولأجل تشريفه عن مشاركة غيره من الكلام الحادث في وصفه بذلك.
ولأن القرآن من صفاته تعالى فلا يجوز وصفه بصفة لم يرد الإذن بها.
قال الرماني في إعجاز القرآن: ذهب الأشعرية إلى امتناع أن يقال في القرآن سجع، وفرقوا بأن السجع هو الذي في نفسه ثم يحال المعنى عليه، والفواصل التي تتبع المعاني ولا تكون مقصودة في نفسها.
قال: ولذلك كانت الفواصل بلاغة واسجع عيباً.
وتبعه على ذلك القاضي أبو بكر الباقلاني ونقله عن نص أبي الحسن الأشعري وأصحابنا كلهم
قال:
2 - وذهب كثير من غير الأشاعرة إلى إثبات السجع في القرآن.
وزعموا أن ذلك مما يبين به فصل الكلام، وأنه من الأجناس التي يقع بها التفاضل في البيان والفصاحة كالجناس والالتفات ونحوهما.
¥