تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[موضوع شاركت به في الندوة الدولية التي نظمتها الرابطة المحمدية للعلماء في تطوان]

ـ[ام صفاء]ــــــــ[11 - 03 - 09, 06:05 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: ضوابط المنهج المقاصدي

إعداد: الدكتورة ريحانة اليندوزي

الصفة: عضو الرابطة المحمدية للعلماء

أستاذة بكلية الشريعة ـ فاس ـ

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.

إنه بمقدار صلاح النهج وسلامة ضوابط التفكير العلمي والمعرفي تكون صلاحية البناء في أي حضارة كيفما كانت.

وإذا كانت الأمة الإسلامية اليوم تكاد تكون متخلفة في كل شيء فمرجع ذلك الى تخلفها في ضبط مناهج التفكير وقواعد المعرفة، ولا أبالغ إذا قلت إن أزمة المسلمين اليوم هي أزمة فقه ومنهاج قبل أن تكون أزمة صدق وإخلاص، والمسلم مرآة عقله وحاله انعكاس لمنهجه وفكره والعقل الإسلامي من نفسه أوتي، وعلى نفسها براقش تجني و قد حق فينا قول الشاعر:

دواؤك فيك وما تبصر * وداؤك منك وما تشعر

وتزعم أنك جرم صغير * وفيك انطوى العالم الأكبر

إن المنهج ليس مجموعة من النصوص يقرؤها المرء ويطير بها يمينا وشمالا دون فقه مرادها، بل المنهج قواعد علمية مستفادة من ثمرات العلم بالنصوص، يدل عليها استقراء صنيع العلماء في شتى المعارف والعلوم الشرعية والكونية. وإننا اليوم بحاجة إلى ذهنيات مرتبة، وعقول مبصرة مستبصرة حتى نحقق الشهود الحضاري لهذه الامة، ولا بصر للعقول إلا بنور القرآن والسنة، مع فقه السنن الشرعية والسنن الكونية و سلامة في المنهج ورسوخ في التفكير.

وإنه مادام العلم فضلة ونافلة في حياتنا والقراءة وقت فراغ في أيامنا، ومناهج التفكير معطلة في حياتنا فلا يرجى خير لهذه الأمة إذ لا يقود الأمة إلا رعيل من العلماء الراسخين في شعب العلوم والمعرفة بمنهج أصيل، فإنه لا يقود الأعمى البصير.

أعمى يقود بصيرا لا أبا لكم * لقد ضل من كانت العميان تهديه.

وإننا والأمة الإسلامية اليوم تحاول النهوض من جديد وتحاول الدخول في دورة حضارية مستأنفة لابد أن تأخذ بالعلم وأسبابه، وإعادة النظر في مناهج التفكير وضوابطه إذ هو حياتها وبه تحقق خيريتها بل هو جهادها الدائم فقد جاء في الأثر:"يوزن يوم القيامة مداد العلماء ودم الشهداء، فيرجح مداد العلماء على دم الشهداء."لأن معركة السيف جولة ومعركة القلم أعوام وقرون.

و كما قال الدكتور فريد الانصاري "لسنا في حاجة إلى تجديد قضايا العلم بقدر ما نحن في حاجة إلى تجديد مناهجه، وإنما قضاياه تَبَعٌ لمناهجه، فإذا تجددت هذه؛ تجددت تلك بالضرورة. والعكس ليس بصحيح!

وتجديد المناهج هو الكفيل بتأطير بعثة التجديد، وإسنادها على المستوى العلمي ..... ، ومناط التجديد المنهجي يكون بإحياء الصناعة الفقهية المقاصدية بضوابطها الشرعية؛ بعثاً وتجديداً" [1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftn1).

إن الفقه الاسلامي صناعة لا بد من إحيائها بالبحث في منهجه؛ حتى يصبح فاعلا مقوما حاكما معالجا لواقع الامة.

يقول الامام الطاهر ابن عاشور:" من أسباب انحطاط الفقه وتخلفه إهمال النظر في مقاصد الشريعة" [2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=postthread&f=60#_ftn2)، فقد غابت المقاصد عن الوعي الحضاري والفكري للامة الاسلامية، فانكفأت بعد غيابه على جزئيات الاحكام الفقهية تغوص في اعماقها وتنشغل بالاتفاق والاختلاف حول الأصول التي بنيت عليها مبتعدة عن مقاصدها.

مع العلم أن إدراك المقاصد أساس في الاجتهاد وقسم من اهم اقسام علم اصول الفقه تحكمه قواعده وينضبط بضوابطه.

ثم إن علم أصول الفقه من أخص تراث الأمة والمنهج المقرر المعتمد عند علمائها سلفا وخلفا لصناعة الفقه وتنزيله، والراسخ فيه يدرك أنه صياغة راقية للنظم الشرعية بل وصياغة للعقل الإسلامي، وأنه مؤهل في الجملة للاستمرارية في هذا العصر الحضاري إذا كنا نتعامل مع هذا العلم بوعي وإدراك، ووضوح في المقاصد. وحسب التقدير الشخصي فإن هذا العلم بتكوينه التاريخي لم يواجه مشكلة حضارية أو يصطدم بها، بل هو صياغة علمية شمولية مؤهلة لاستيعاب الطارئ والنازل حسب الإملاء الشرعي الذي بني عليه هذا العلم، وليس حسب رؤية "العقل المدني المتحول" المقطوع أو المتنصل من التراث.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير